الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3544 - وعن عائشة ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله إلا بإحدى ثلاث زنا بعد إحصان لأنه يرجم ورجل خرج محاربا بالله ورسوله فإنه يقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض أو يقتل نفسا فيقتل بها . رواه أبو داود .

التالي السابق


3544 - ( وعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يحل دم امرئ ) أي إراقة دم شخص ( مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ) الظاهر أنه صفة كاشفة وقال الطيبي : صفة مميزة لمسلم لا كاشفة يعني إظهاره الشهادتين كاف في حقن دمه ( إلا بإحدى ثلاث ) أي خصال ( زنا بعد إحصان لأنه يرجم ) أي يقتل برجم الحجارة ( ورجل ) أي وخروج رجل ( خرج ) أي على المسلمين حال كونه ( لله ولرسوله ) اللام صلة ; لأن اسم الفاعل عمله ضعيف فيؤتى بها تأكيدا ، وفي رواية المصابيح ( محاربا بالله ) فالباء زائدة في المفعول كقوله تعالى ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة والمراد به قاطع الطريق أو الباغي ( فإنه يقتل ) أي إن قتل نفسا بلا أخذ مال ( أو يصلب ) أي حيا ويطعن حيا حتى يموت وبه قال مالك وقال الشافعي ومن تبعه : أنه يقتل ويصلب نكالا لغيره إن قتل وأخذ المال ( أو ينفى من الأرض ) أي يخرج من البلد إلى البلد لا يزال يطالب وهو هارب وعليه الشافعي وقيل : ينفى من بلده ويحبس حتى تظهر توبته وهذا مختار ابن جرير والصحيح من مذهبنا أنه يحبس إن لم يزد على الإخافة وهو مأخوذ من قوله تعالى إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله وكان الظاهر أن يقال أو تقطع يده ورجله من خلاف قبل قوله أو ينفى من الأرض ليكون الحديث على طبق الآية مستوعبا ولعل حذفه وقع من الراوي نسيانا أو اختصارا والله تعالى أعلم و ( أو ) في الآية والحديث على ما قررناه للتفصيل وقيل : إنه للتخيير والإمام مخير بين هذه العقوبات الأربع في كل قاطع ، وروى ابن جرير هذا القول عن ابن عباس وسعيد بن المسيب ومجاهد وعطاء والحسن البصري والنخعي والضحاك ( أو يقتل نفسا ) بصيغة الفاعل و ( أو ) بمعنى الواو عطفا على رجل خرج والتقدير قتل رجل نفسا ( فليقتل بها ) بصيغة المجهول ( رواه أبو داود ) .




الخدمات العلمية