الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3812 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما من غازية ، أو سرية ، تغزو وتسلم ، إلا كانوا قد تعجلوا ثلثي أجورهم . وما من غازية ، أو سرية ، تخفق وتصاب إلا تم أجورهم . رواه مسلم .

التالي السابق


3812 - ( وعن عبد الله بن عمرو : بالواو رضي الله عنه ( قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما من غازية ) : أي : قطعة من الجيش ، أو جماعة تغزو ( أو سرية ) : هي أربعمائة رجل ، وفي ذكرهما إشارة إلى أن الحكم ثابت في القليل والكثير من الغزاة ، فأو للتنويع ، وقيل ، أو للشك من الراوي ( تغزو فتغنم وتسلم إلا كانوا قد تعجلوا ثلثي أجورهم ) : بضم اللام ويسكن قال القاضي : المعنى أن من غزا الكفار فرجع سالما غانما فقد تعجل ، فاستوفى ثلثي أجره ، وهما السلامة والغنيمة في الدنيا ، وبقي له ثلث الأجر يناله في الآخرة بسبب ما قصد بغزوه محاربة أعداء الله تعالى ( وما من غازية ، أو سرية ، تخفق ) : من الإخفاق ; أي : تغزو ولا تغنم ( وتصاب ) : أي : بجرح ، أو بقتل ، أو تصيبه مصيبة ( إلا تم أجورهم ) : قال القاضي : والمعنى من غزا في نفسه بقتل ، أو جرح ولم يصادف غنيمة فأجره باق بكماله لم يستوف منه شيئا فيوفر عليه بتمامه في الآخرة . قال الطيبي : ولفظ تعجلوا يستدعي أن يكون لكل غاز في نزواته ثواب ، فمن أصاب السلامة والغنيمة استوفى ثلثي ثوابه في الدنيا بدل ما كان له في الآخرة ، وإليه الإشارة بقوله تعجل ومن لم يغنم وقتل أتم أجره حيث لم يتعجل بشيء بقي قسمان من سلم ، وأخفق فقد تعجل بثلثه وبقي له ثلثان في الآخرة ، ومن رجع مجروحا يقسم على هذا التقسيم بحسب جرحه إن الله لا يضيع أجر المحسنين اه .

[ ص: 2470 ] ويمكن أن يكون المراد بالرجوع سالما رجوعه حيا ، فلا يحتاج إذا إلى التقسيم بحسب الجراحة . قال ابن الملك : الغازي إذا أصاب غنيمة وسلم ، فقد أصابه شيئان من ثمرات الغزو ، وبقي له دخول الجنة ، فصح أنه قد تعجل ثلثي الأجر ، فعلى هذا تكون سلامة النفس وحصول المغنم من أجزاء أجر الغزو اه . وفي كون السلامة من أجزاء الثواب محل بحث ، اللهم إلا أن يقال قصد الغازي في مسيره ثلاثة أشياء : إما الشهادة ، وإما الغنيمة ، وإما السلامة فقط ، فقوله وتسلم بعد قوله تغنم قيد واقعي يلزم من وجوده وجوده ، ولهذا ورد بحذفه في حديث رواه أحمد ومسلم وأبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه ، عن ابن عمرو ، ولفظه : " ما من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون الغنيمة إلا تعجلوا ثلثي أجرهم من الآخرة ويبقى لهم الثلث ، فإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم " ( رواه مسلم ) .




الخدمات العلمية