الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3958 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : بعثنا رسول الله في سرية ، فحاص الناس حيصة فأتينا المدينة ، فاختفينا بها ، وقلنا : هلكنا " ، ثم أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلنا : يا رسول الله ! نحن الفرارون . قال : " بل أنتم العكارون وأنا فئتكم " رواه الترمذي . وفي رواية أبي داود نحوه وقال : " لا ، بل أنتم العكارون " قال : فدنونا فقبلنا يده فقال : " أنا فئة المسلمين " .

وسنذكر حديث أمية بن عبد الله : كان يستفتح . وحديث أبي الدرداء " ابغوني في ضعفائكم " في باب " فضل الفقراء " إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


3958 - ( وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سرية ، فحاص الناس حيصة ) : قال القاضي : أي فمالوا ميلة من الحيص وهو الميل ، فإن أراد بالناس أعداءهم ، فالمراد بها الحملة ; أي حملوا علينا حملة وجالوا جولة فانهزمنا عنهم ، ( فأتينا المدينة ) : وإن أراد به السرية فمعناها الفرار والرجعة ; أي : مالوا عن العدو ملتجئين إلى المدينة ، ومنه قوله تعالى : ولا يجدون عنها محيصا ; أي مهربا ، ويؤيد المعنى الثاني قول الجوهري حاص عنه عدل وحاد ، يقال للأوبياء : حاصوا عن الأعداء وللأعداء انهزموا . وفي الفائق : فحاص حيصة ; أي انحرف وانهزم ، وروى : فجاض جيضة بالجيم والضاد المعجمة ، وهو الحيدودة حذرا . وفي النهاية : فحاص المسلمون حيصة ; أي جالوا جولة يطلبون الفرار . ( فاختفينا بها ) : أي في المدينة حياء ( وقلنا ) : أي في أنفسنا ، أو لبعضنا ( هلكنا ) : أي عصينا بالفرار ، ظنا منهم أن مطلق الفرار من الكبائر ، ( ثم أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 2545 ] فقلنا : يا رسول الله ! نحن الفرارون . قال : " أنتم العكارون ) : أي الكرارون إلى الحرب والعطافون نحوها كذا في النهاية . ومعناه الرجاعون إلى القتال ( وأنا فئتكم ) : في النهاية : الفئة الجماعة من الناس في الأصل ، والطائفة التي تقوم وراء الجيش ، فإن كان عليهم خوف ، أو هزيمة التجئوا إليه ، وفي الفائق : ذهب النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله : أنا فئتكم إلى قوله تعالى : أو متحيزا إلى فئة يمهد بذلك عذرهم في الفرار ; أي تحيزتم إلي فلا حرج عليكم . في شرح السنة : قال عبد الله بن مسعود : من فر من ثلاثة فلم يفر ، ومن فر من اثنين فقد فر ، والفرار من الزحف من الكبائر ، فمن فر من اثنين فليس له أن يصلي بالإيماء في الفرار ; لأنه عاص كقاطع الطريق اهـ . وهو تفريع على مقتضى مذهب الإمام الشافعي . ( رواه الترمذي . وفي رواية أبي داود نحوه وقال : " لا بل أنتم العكارون " قال ) : أي ابن عمر ( فدنونا فقبلنا يده فقال : أنا فئة المسلمين ) .

( وسنذكر حديث أمية ) : بالتصغير ( ابن عبد الله : كان يستفتح ) : أي يطلب الفتح والنصرة بصعاليك المهاجرين ( وحديث أبي الدرداء : ابغوني ) : أي اطلبوا رضاي ( في ضعفائكم ) : تمامه : فإنما ترزقون ، أو تنصرون بضعفائكم ( في باب فضل الفقراء إن شاء الله تعالى ) .




الخدمات العلمية