الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( 4 ) باب سنن الوضوء

الفصل الأول

391 - عن أبي هريرة رضي الله ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إذا استيقظ أحدكم . من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ، فإنه لا يدري أين باتت يده . متفق عليه .

التالي السابق


( 4 ) باب سنن الوضوء

قال الطيبي : لم يرد بالسنن سنن الوضوء فقط ، بل أراد بالسنن الأقوال أو الأفعال أو التقريرات للنبي - صلى الله عليه وسلم - أعم من أن تكون سنة أو فرضا ، كما يقال جاء في السنة كذا أي : في الحديث اهـ . وتبعه ابن حجر : وأنت خبير بأن حمل سنن الوضوء على ذلك المعنى بعيد فالأولى أن يحمل العنوان على التغليب . وقيل : السواك من السنن أيضا فكأنه ذكر في باب مفرد لزيادة الاهتمام به ، وقيل : هو غير مختص بالوضوء ، وورد بأن غسل اليد للمستيقظ أيضا غير خاص على ما في شرح مسلم ، وكذا التيامن ، وفيه أنه لا يلزم من كون شيء من سنن الوضوء أن يكون مختصا به .

الفصل الأول

391 - ( عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا استيقظ أحدكم من نومه " : التقيد به لأن توهم نجاسة اليد في الغالب يكون من المستيقظ فلا مفهوم له ، ولذا قال علماؤنا : إن هذا الغسل سنة في غير المستيقظ أيضا لأن علة الغسل وهي احتمال أنه مس بيده أعراق بدنه وأوساخه موجودة في المتنبه أيضا . قلت : بل المتنبه يفهم بالطريق الأولى فإن هذه العلة موجودة فيه مع زيادة احتمالات أخر ، وأما قول ابن حجر : فإن تيقن طهارة يده وإن نام [ ص: 403 ] كراهة لانتفاء توهم التنجس فمعارضة بالنص " فلا يغمس يده " : أي مثلا كما قال ابن حجر أو فضلا عن غيرها ، فإنها مع كونها آلة إذا كانت ممنوعة فغيرها أولى ، فهذا هو الأولى " في الإناء : أي إناء الماء وفي معناه كل مائع ومن المعلوم أن ماء الإناء لم يكن إلا قليلا فلا يحتاج تقييده بالقليل ، كما توهم ابن حجر ، وفي نسخة بزيادة النون المشددة . قال الأبهري : بالتأكيد في مسلم وبدون التأكيد في الجمع بين الصحيحين . قال ابن الهمام : الحديث المذكور في الصحيحين بغير نون التأكيد ، وأما بها ففي مسند البزار من حديث هشام بن حسان ولفظه : فلا يغمسن يده في طهوره حتى يفرغ عليها ثلاثا " حتى يغسلها " أي : إلى رسغها " ثلاثا " : قال السيد : لفظ ثلاثا من أفراد مسلم فقوله متفق عليه محل بحث اهـ . والنهي محمول على التنزيه بدليل العلة ، فيكون الغسل ثلاثا سنة ، وفيه دليل لمذهبنا حيث قيدوا تطهير النجاسة الغير المرئية بغسلها ثلاثا ، فإنه لما حكم الشرع في النجاسة المتوهمة بالتثليث فالمتحققة أولى بذلك " فإنه لا يدري : تعليل أي : لا يعلم " أين باتت يده " روى النووي عن الشافعي وغيره من العلماء أن أهل الحجاز كانوا يستنجون بالحجارة وبلادهم حارة ، فإذا ناموا عرقوا ، فلا يؤمن أن تطوف يده على موضع النجاسة أو على بثرة أو قملة ، والنهي عن الغمس قبل غسل اليد مجمع عليه ، لكن الجماهير على أنه نهي تنزيه لا تحريم فلو غمس لم يفسد الماء ولم يأثم الغامس ، وقالالتوربشتي : هذا في حق من بات مستنجيا بالأحجار معروريا ، ومن بات على خلاف ذلك ففي أمره سعة ، ويستحب له أيضا غسلها لأن السنة إذا وردت لمعنى لم تكن لتزول بزوال ذلك المعنى ، وفي شرح السنة علق النبي صلى الله تعالى عليه وسلم غسل اليدين بالأمر الموهوم وما علق بالموهوم لا يكون واجبا ، فأصل الماء واليدين على الطهارة ، فحمل الأكثرون هذا الحديث على الاحتياط ، وذهب الحسن البصري والإمام أحمد في إحدى الروايتين إلى الظاهر ، وأوجبا الغسل وحكما بنجاسة الماء كذا نقله الطيبي . وقال الشمني ، عن عروة بن الزبير ، وأحمد بن حنبل ، وداود : إنه يجب على المستيقظ من نوم الليل غسل اليدين لظاهر الحديث ، ولنا : أن النوم إن كان حدثا فهو كالبول ، وإن كان سببا للحدث فهو كالمباشرة ، وكل ذلك لا يوجب غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء عندهم ، وأنه عليه الصلاة والسلام علل الغسل بتوهم النجاسة ، وتوهمها لا يوجبه ، فكان ذلك دليلا على السنة وعدم الوجوب ( متفق عليه ) . قال ابن حجر : واللفظ لمسلم .




الخدمات العلمية