الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3983 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في خطبته أوفوا بحلف الجاهلية فإنه لا يزيده يعني الإسلام إلا شدة ولا تحدثوا حلفا في الإسلام . رواه وذكر حديث علي : " المسلمون تتكافأ " في كتاب القصاص .

التالي السابق


3983 - ( وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في خطبته ) ; أي على ملأ من الناس في ( أوفوا بحلف الجاهلية ) بفتح الحاء وكسر اللام وفي نسخة بكسر فسكون ; أي بالعقود والعهود والأيمان الواقعة في زمن الجاهلية على التعاون لقوله تعالى أوفوا بالعقود لكنه مقيد بما قال تعالى : وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ( فإنه ) ; أي الشأن ( لا يزيده ) ; أي العهد وفعل " يزيد " مضمر فسره الراوي بالإسلام حيث قال ( يعني الإسلام ) ; أي يريد النبي - صلى الله عليه وسلم - بفاعل " يزيد " المستتر فيه معنى الإسلام ; أي لا يزيد الإسلام الحلف ( إلا شدة ) فإن الإسلام أقوى من الحلف فمن استمسك بالعاصم القوي استغنى عن العاصم الضعيف ، في النهاية أصل الحلف المعاقدة على التعاضد والتساعد والاتفاق فما كان منه في الجاهلية على الفتن والقتال بين القبائل فذلك الذي ورد النهي عنه في الإسلام بقوله - صلى الله عليه وسلم - لا حلف في الإسلام ، وما كان منه في الجاهلية على نصرة المظلوم وصلة الأرحام ونحوهما فذلك الذي قال فيه - صلى الله عليه وسلم - ; أيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة ( ولا تحدثوا ) ; أي لا تبدلوا ولا تبتدعوا ( حلفا في الإسلام ) ; أي ; لأنه كاف في وجوب التعاون قال الطيبي : التنكير فيه يحتمل وجهين أحدهما أن يكون للجنس ; أي لا تحدثوا حلفا ما والآخر أن يكون للنوع ، قلت : الظاهر هو الثاني ويؤيده قول المظهر : يعني إن كنتم حلفتم في الجاهلية بأن يعين بعضكم بعضا ويرث بعضكم من بعض ، فإذا أسلمتم فأوفوا به فإن الإسلام يحرضكم على الوفاء به ولكن لا تحدثوا محالفة في الإسلام بأن يرث بعضكم من بعض ( رواه . . . ) هنا بياض في الأصل وألحق الجزري في تصحيحه حيث قال رواه الترمذي من طريق حسين بن ذكوان عن عمرو ، [ ص: 2565 ] وقال حسن ( وذكر حديث علي رضي الله عنه المسلمون تتكافأ ) بالتأنيث والتذكير ; أي دماؤهم ( ويسعى بذمتهم أدناهم ويرد عليهم أقصاهم وهم يد على من سواهم . . . ) الحديث بطوله ( في كتاب القصاص ) يعني فأسقطناه من هاهنا للتكرار ، قال ابن الهمام : إذا أمن رجل حر ، أو امرأة حرة كافرا ، أو جماعة ، أو أهل حصن ، أو مدينة صح أمانهم على إسناد المصدر إلى المفعول ولم يجز لأحد من المسلمين قتالهم ، والأصل فيه هذا الحديث وقد أخرجه أبو داود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسلمون تتكافأ دماؤهم ; أي لا تزيد دية الشريف على دية الوضيع ويسعى بذمتهم أدناهم ويرد عليهم أقصاهم ، ولفظ ابن ماجه ويجير عليهم أقصاهم وهم يد على من سواهم أي كأنهم آلة واحدة مع من سواهم من الملل كالعضو الواحد باعتبار تعاونهم عليه ، قال : ولا يصح أمان العبد المحجور عليه عند أبي حنيفة إلا أن يأذن له مولاه في القتال ، وقال محمد : يصح وهو قول الشافعي ، وبه قال مالك وأحمد وأبو يوسف في رواية لإطلاق الحديث المذكور وهو قوله ويسعى بذمتهم أدناهم ، ولما روى عبد الرزاق ثنا معمر عن عاصم بن سليمان عن فضيل بن يزيد الرقاشي قال : شهدت قرية من قرى فارس يقال لها شاهرتا فحاصرناها شهرا حتى إذا كنا ذات يوم وطمعنا أن نصبحهم انصرفنا عنهم عند المقيل خلف عبد منا فاستأمنوه فكتب إليهم أمانا ، ثم رمى به إليهم فلما رجعنا إليهم خرجوا إلينا في ثيابهم ووضعوا أسلحتهم فقلنا ما شأنكم فقالوا أمنتمونا وأخرجوا إلينا السهم فيها كتاب بأمانهم فقلنا هذا عبد لا يقدر على شيء ، قالوا : لا ندري عبدكم من حركم قد خرجنا بأمان فكتبنا إلى عمر فكتب أن العبد المسلم من المسلمين وأمانه أمانهم ورواه ابن أبي شيبة وزاد فأجاز عمر أمانه ، والحديث جيد وفضيل بن يزيد الرقاشي وثقه ابن معين ، وأما ما ذكره صاحب الهداية من رواية أبي موسى الأشعري مرفوعا " أمان العبد أمان " فحديث لا يعرف اهـ . وحجة أبي حنيفة ومالك في رواية سحنون عنه مذكورة في شرح ابن الهمام مبسوطة قال وإن آمن الصبي وهو لا يعقل الإسلام ولا يصفه لا يصح بإجماع الأئمة الأربعة كالمجنون وإن كان يعقل وهو محجور عن القتال فعلى الخلاف بين أصحابنا لا يصح عند أبي حنيفة ويصح عند محمد وبقول أبي حنيفة قال الشافعي وأحمد في وجه ; لأن قوله غير معتبر كطلاقه وعتاقه ، وبقول محمد قال مالك وأحمد ، وإن كان مأذونا له في القتال فالأصح أنه يصح بالاتفاق بين أصحابنا وبه قال مالك وأحمد .




الخدمات العلمية