الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4000 - وعن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه ، قال : أصبت جرابا من شحم يوم خيبر ، فالتزمته ، فقلت : لا أعطي اليوم أحدا من هذا شيئا ، فالتفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبسم إلي . متفق عليه . وذكر حديث أبي هريرة " ما أعطيكم " في باب " رزق الولاة "

التالي السابق


4000 - ( وعن عبد الله بن مغفل ) ، بضم الميم وفتح الغين المعجمة وبالفاء المشددة المفتوحة رضي الله عنه . قال المؤلف : من أصحاب الصفة ، مزني ، سكن المدينة ، ثم تحول منها إلى البصرة ، وكان أحد العشرة الذين بعثهم عمر إلى البصرة يفقهون الناس ، ومات بالبصرة سنة ستين ، وروى عنه جماعة من التابعين منهم الحسن البصري " وقال : ما نزل البصرة أشرف منه اهـ . وقال العسقلاني : هو بمعجمة وفاء كمحمد فرد ، ولأبيه صحبة وروي عن ابنه عبد الله . ( قال : أصبت جرابا ) : بكسر الجيم وعاء معروف ، ومن اللطائف : لا يفتح الجراب ولا يكسر القنديل ، وفي القاموس : الجراب بالكسر ولا يفتح ، أو لغية فيما حكاه عياض وغيره ( من شحم ) أي : فيه بعض منه قال الطيبي : من بيان وهو صفة جرابا أي : جرابا مملوءا من شحم ( يوم خيبر فالتزمته ) أن عانقته وضممته إلي ( قلت ) أي : سرا ، أو جهرا ( لا أعطي أحدا من هذا شيئا ) قال الطيبي : في قوله : اليوم إشعار بأنه كان مضطرا إليه ، وبلغ الاضطرار إلى أن يستأثر نفسه على الغير ، ولم يكن ممن قيل فيه ( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ) ومن ثم تبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ( فالتفت ) أي : فنظرت إلى أحد جوانبي ( فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبسم إلي ) . قال ابن الملك : فيه جواز أخذ المجاهدين من طعام الغنيمة قدر ما يحتاج إليه اهـ . وتقدم أن الانتفاع بالأدهان في البدن له حكم أكل الطعام ، وقد يحتاج أيضا إلى الشحم للسراج ونحوه ( متفق عليه ) .

قال النووي : فيه إباحة أكل الطعام في دار الحرب . قال القاضي عياض : أجمع العلماء على جواز أكل طعام الحربيين ما دام المسلمون في دار الحرب على قدر حاجتهم ولم يشترط أحد من العلماء استئذان الإمام إلا الزهري ، وجمهورهم على أنه لا يجوز أن يخرج معه منه شيئا إلى عمارة دار الإسلام ، فإن أخرجه لزمه رده إلى المغنم ، ولا يجوز بيع شيء منه في دار الحرب ، ويجوز أن يركب دوابهم ، ويلبس ثيابهم ، ويستعمل سلاحهم في حال الحرب بغير الاستئذان وشرطه الأوزاعي وفيه دليل على جواز أكل شحوم ذبائح اليهود ، وإن كانت محرمة عليهم . ( وذكر حديث أبي هريرة رضي الله عنه " ما أعطيكم " ) أي : ولا أمنعكم أنا قاسم أضع حيث أمرت . ( في باب " رزق الولاة " ) : يعني فلتكراره أسقطه هنا .

[ ص: 2585 ]



الخدمات العلمية