الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4069 - وعن عائشة رضي الله عنها ، قالت : يا رسول الله ! إن هنا أقواما حديث عهدهم بشرك يأتوننا بلحمان لا ندري أيذكرون اسم الله عليها أم لا ؟ قال : " اذكروا أنتم اسم الله وكلوا " . رواه البخاري .

التالي السابق


4069 - ( وعن عائشة رضي الله عنها ، قالت : قالوا يا رسول الله ) أي : بعض الصحابة ( إن هنا ) أي : في المدينة ، أو غيرها ( أقواما ) : جمع قوم أي : جماعة كثيرين إشارة إلى عموم البلوى المانع من مراعاة الاحتياط والتقوى المحتاج إلى الرجوع للفتوى ( حديث ) : بالتنوين أي : جديد ( عهدهم ) : بالرفع على الفاعلية ، وفي نسخة بالإضافة . وقال الطيبي : حديث عهدهم إما جملة اسمية قدم خبرها على اسمها ووقعت صفة ( لأقواما ) ، أو يكون حديث : خبرا ثانيا لأن ، وعهدهم : فاعلا له . ( بشرك ) : متعلق بحديث أي : بكفر ( يأتوننا بلحمان ) : بضم اللام جمع لحم ( لا ندري أيذكرون اسم الله عليها ) أي : على ذوات اللحوم عند ذبحها ( أم لا ؟ قال : اذكروا اسم الله ) : وفي بعض النسخ : اذكروا أنتم اسم الله ( وكلوا ) . قال ابن الملك : ليس معناه أن تسميتكم الآن تنوب عن تسمية المذكي ، بل فيه بيان أن التسمية مستحبة عند الأكل ، وأن ما لم تعرفوا أذكر اسم الله عليه عند ذبحه يصح أكله إذا كان الذابح ممن يصح أكل ذبيحته حملا لحال المسلم على الصلاح ، وفي شرح السنة : احتج من لم يجعل التسمية شرطا بهذا الحديث ; لأنه لو كانت التسمية شرط الإباحة كان الشك في وجودها مانعا من أكلها كالشك في أصل الذبح ، واحتج من شرط التسمية بقوله تعالى : ( ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق ) وتأوله من لم يرها شرطا على أن المراد منه ما ذكر عليه غير اسم الله بدليل قوله : ( وإنه لفسق ) والفسق في ذكر غير اسم الله كما قال في آخر السورة ( قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما ) إلى قوله : ( ، أو فسقا أهل لغير الله به ) وفي المدارك الآية تحرم متروك التسمية . وخصت حالة النسيان بالحديث ، أو يجعل الناسي ذاكرا تقديرا ، ومن حق المتدين أن لا يأكل مما لم يذكر اسم الله عليه لما في الآية من التشديد العظيم يعني قوله تعالى : ( وإن أطعتموهم إنكم لمشركون ) وهو وإن نزل في الميتة لكن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب . قال : ومن أول الآية بالميتة وبما ذكر غير اسم الله عليه لقوله : ( ، أو فسقا أهل لغير الله به ) فقد عدل عن الظاهر اهـ .

ومما يدل عليه أن حرمة الميتة لكونها غير مذكاة بالتسمية ، فالعلة مركبة ، ولهذا ذبيحة المجوسي حرام وذبيحة الذمي حلال لكونهم ممن يسمون على الذبيحة ، ثم التسمية القلبية غير معتبرة شرعا ، فإن كل ذكر مشروع واجبا كان أو مندوبا لا يعتد به ما لم يتلفظ له ، ومما يدل عليه أيضا أحاديث الباب حيث شرط التسمية في حالة الإرسال والرمي اللذين قاما مقام الذبح والله أعلم . ( رواه البخاري ) .




الخدمات العلمية