الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4168 - وعن أبي جحيفة - رضي الله عنه - قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم : " لا آكل متكئا . رواه البخاري .

التالي السابق


4168 - ( وعن أبي جحيفة ) : بضم الجيم وفتح الحاء المهملة وبالفاء ، ذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توفي ، وهو لم يبلغ الحلم ، ولكنه سمع منه وروى عنه ، مات بالكوفة سنة أربع وسبعين ، روى عنه ابنه وجماعة من التابعين - رضي الله عنهم - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " لا آكل متكئا ) . قال الخطابي : يحسب أكثر العامة أن المتكئ هو المائل المعتمد على أحد شقيه ، وليس معنى الحديث ما ذهبوا إليه ، فإن المتكئ ، هاهنا هو المعتمد على الوطاء ، الذي تحته ، وكل من استوى قاعدا على وطاء فهو متكئ ، والمعنى أني إذا أكلت لم أقعد متمكنا على الأوطئة ، فعل من يريد أن يستكثر من الأطعمة ، ولكني آكل علقة من الطعام ، فيكون قعودي مستوفزا له اهـ .

وفسر الأكثرون الاتكاء بالميل على أحد الجانبين ؛ لأنه يضر بالآكل ، فإنه يمنع مجرى الطعام الطبيعي عن هيئته ويعوقه عن سرعة نفوذه إلى المعدة ويضغط المعدة فلا يستحكم فتحها للغذاء ، ونقل في الشفاء من المحققين أنهم فسروه بالتمكن للأكل ، والقعود في الجلوس كالمتربع المعتمد على وطاء تحته ; لأن هذه الهيئة تستدعي كثرة الأكل ، وتقتضي الكبر ، وورد بسند ضعيف أنه - صلى الله عليه وسلم - زجر أن يعتمد الرجل بيده اليسرى عند الأكل ، وقد أخرج ابن أبي شيبة عن النخعي أنهم كانوا يكرهون أن يأكلوا متكئين مخافة أن تعظم بطونهم .

قال ابن القيم : ويذكر عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يجلس للأكل متوكئا على ركبته ، ويضع بطن قدمه اليسرى تواضعا لله عز وجل وأدبا بين يديه . قال : وهذه الهيئة أنفع هيئات الأكل وأفضلها ؟ لأن الأعضاء كلها تكون على وضعها الطبيعي الذي خلقها الله عليه . ( رواه البخاري ) . ولفظ الترمذي : " أما أنا فلا آكل متكئا " . وفي الجامع الصغير : لا آكل وأنا متكئ " . رواه أحمد والبخاري ، وأبو داود ، وابن ماجه .




الخدمات العلمية