الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4211 - وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم : أنه أتي بقصعة من ثريد . فقال : " كلوا من جوانبها ، ولا تأكلوا من وسطها ; فإن البركة تنزل في وسطها " . رواه الترمذي ، وابن ماجه ، والدارمي ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . وفي رواية أبي داود ، قال : " إذا أكل أحدكم طعاما فلا يأكل من أعلى الصحفة ، ولكن يأكل من أسفلها ; فإن البركة تنزل من أعلاها " .

التالي السابق


4211 - ( وعن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما ) : لم يقل عنه لئلا يتوهم رجوع الضمير إلى أبي هريرة ، فإنه أقرب مذكور ، وإن كان المعنون في صدر الحديث هو ابن عباس - رضي الله عنهما . ( عن النبي - صلى الله عليه وسلم : أنه أتى بقصعة ) : أي قدح كبير ( من ثريد ) : وهو بفتح المثلثة أي يثرد الخبز أي يكسر ويفتت في مرق اللحم ، وقد يكون معه اللحم ، وورد في حديث رواه الطبراني ، والبيهقي عن أنس : " أثردوا ولو بالماء " . ( فقال : كلوا من جوانبها ) : فيه مقابلة الجمع بالجمع : أي ليأكل كل واحد من جانبه ( ولا تأكلوا من وسطها ) : بسكون السين ويفتح ( فإن البركة تنزل في وسطها ) : والوسط أعدل المواضع ، فكان أحق بنزول البركة فيه ( رواه الترمذي ، وابن ماجه ، والدارمي ) ، وكذا أحمد والبيهقي ( وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . ( وفي رواية أبي داود قال : " إذا أكل أحدكم طعاما فلا يأكل من أعلى الصحفة ، ولكن يأكل من أسفلها ) : أي من جانبها الذي يليه ( فإن البركة تنزل من أعلاها ) .

قال الطيبي : شبه ما يزيد في الطعام بما ينزل من الأعالي من المائع وما يشبهه ، فهو ينصب إلى الوسط ، ثم ينبث منه إلى الأطراف ، وكل ما أخذ من الطرف يجيء من الأعلى بدله ، فإذا أخذ من الأعلى انقطع ، قلت : ولعل السر فيه أن الأعلى قدر مشترك بينه وبين غيره ، فإذا حمله الحرص على الأكل منه فينقطع الخير والبركة من شآمته ، فإن الحرص شؤم والحريص محروم ، وفي رواية أبي داود ، وابن ماجه عن عبد الله بن بسر : " كلوا من حواليها وذروا ذروتها يبارك فيها " ، وفي رواية لابن ماجه عن واثلة : " كلوا باسم الله من حواليها ، وأعفوا رأسها ; فإن البركة تأتيها من فوقها " .




الخدمات العلمية