الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4233 - وعن عكراش بن ذؤيب ، قال : أتينا بجفنة كثيرة الثريد والوذر ، فخبطت بيدي في نواحيها ، وأكل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بين يديه ، فقبض بيده اليسرى على يدي اليمنى ، ثم قال : " يا عكراش ! كل من موضع واحد ; فإنه طعام واحد " ، ثم أتينا بطبق في ألوان التمر ، فجعلت آكل من بين يدي ، وجالت يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الطبق ، قال : " يا عكراش ! كل من حيث شئت ; فإنه غير لون واحد " ، ثم أتينا بماء فغسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه ومسح ببلل كفيه وجهه وذراعيه ورأسه ، وقال : " يا عكراش ! هذا الوضوء مما غيرت النار " . رواه الترمذي .

التالي السابق


4233 - ( وعن عكراش ) : بكسر العين وسكون الكاف وبالراء والشين المعجمة ( ابن ذؤيب ) : بضم الذال المعجمة وبفتح الهمزة وقد يبدل واوا فتحتية ساكنة فموحدة . قال المؤلف : تميمي يعد في البصريين ، روى عنه عبيد الله ، وكان قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - بصدقات قومه . ( قال : أتينا ) : أي جيء لنا ( بجفنة ) : بفتح جيم فسكون فاء : أي قصعة ( كثيرة الثريد والوذر ) : بفتح الواو وسكون الذال المعجمة جمع وذرة وهي قطع من اللحم لا عظم فيها على ما في الفائق وغيره . وفي القاموس : الوذرة من اللحم القطعة الصغيرة لا عظم فيها ويحرك ، ( فخبطت ) : أي ضربت ( يدي في نواحيها ) ، من خبط البعير بيده إذا ضربه بها .

وقال الطيبي : أي ضربت فيها من غير استواء من قولهم : خبط خبط عشواء وراعى الأدب حيث قال في جانب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجالت يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمعنى الجولان ، والمعنى أدخلت يدي أو أوقعتها في نواحي القصعة . ( وأكل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بين يديه ) : أي مما يليه ( فقبض بيده اليسرى على يدي اليمنى ) . يجوز فتح ياء الإضافة وسكونها ، وهذه ملاحظة فعلية ( ثم قال : يا عكراش ! كل من موضع واحد ) : أي مما يليك ( فإنه طعام واحد ) .

أي فلا يحتاج إلى جانب آخر مع ما فيه من التطلع على ما في أيدي الناس ، والشره والحرص والطمع الزائد ، ( ثم أتينا بطبق فيه ألوان التمر ، فجعلت آكل من بين يدي ) : أي تأدبا . ( وجالت ) : بالجيم من الجولان أي ودارت ( يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الطبق ) : أي في جوانبه وحواليه - وهذا تعليم فعلي لبيان الجواز ( فقال ) : تأكيدا لما فهم من الفعل ( يا عكراش ! كل من حيث شئت ) : أي الآن ، والظاهر استثناء الأوسط ، فإنه محل تنزل الرحمة ، ويحتمل أن يكون مخصوصا للون واحد أو بالمختلط حتى صار كأنه شيء واحد ، ( فإنه ) : أي التمر الموجود في الطبق ( غير لون واحد ) : بل ألوان كما ! سبق . قال ابن الملك : فيه تنبيه على أن الفاكهة إذا كان لونها واحدا لا يجوز أن يخبط بيده كالطعام ، وعلى أن الطعام إذا كان ذا ألوان يجوز أن يخبط ويأكل من أي نوع يريده . ( ثم أتينا بماء فغسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه ومسح ببلل كفيه وجهه وذراعيه ورأسه ، وقال : يا عكراش ! هذا الوضوء ) : أي العرفي ( مما غيرت النار ) : أي مسته ، فإن الماء يطفئ الحرارة . قال الطيبي قوله : " مما غيرت النار " خبر المبتدأ و " من " ابتدائية أي : هذا الوضوء لأجل طعام طبخ بالنار . ( رواه الترمذي ) .




الخدمات العلمية