الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4412 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " إذا انقطع شسع نعله فلا يمش في نعل واحدة حتى يصلح شسعه ، ولا يمش في خف واحد ، ولا يأكل بشماله ، ولا يحتبي بالثوب الواحد ، ولا يلتحف الصماء " . رواه مسلم .

التالي السابق


4412 - ( وعن جابر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : ( إذا انقطع شسع نعله ) : بكسر معجمة وسكون مهملة أي شسع نعل أحدكم ، كما في رواية الجامع الصغير . ( فلا يمشي ) : بصيغة النفي وفي نسخة صحيحة : " فلا يمش " ( في نعل واحدة ) : أي في الأخرى ، كما في رواية ( حتى يصلح شسعه ) : قال النووي : هو أحد سيور النعل المشدود في الزمام ، والزمام هو الذي يعقد فيه الشسع ، وفي رواية " حتى يصلحها " : أي النعل .

قال الطيبي : ومعنى حتى أنه لا يمشي في نعل واحدة إذا قطع شسع نعله الأخرى حتى يصلح شسعه فيمشي بالنعلين . صحح في جامع الأصول هذا اللفظ ، قال ميرك : وأما ما أخرجه مسلم من طريق أبي رزين ، عن أبي هريرة : إذا انقطع شسع أحدكم أو شراكه فلا يمشي في إحداهما بنعل والأخرى حافية ليحفهما جميعا ، فلا مفهوم له حتى يدل على الإذن في غير هذه الصورة ، وإنما خرج مخرج الغالب ، ويمكن أن يكون من مفهوم الموافقة وهو التنبيه بالأدنى على الأعلى ; لأنه إذا امتنع مع احتياج فمع عدمه أولى ، قال العسقلاني : وهذا دال على ضعف ما أخرجه الترمذي عن عائشة قالت : ربما انقطع شسع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمشى في النعل الواحدة حتى يصلحها .

قال ميرك : هكذا نقله الشيح عن جامع الترمذي ولم أجده بهذا اللفظ في أصل الترمذي ، بل فيه من طريق ليث بن أبي سليم ، عن عبد الرحمن بن القاسم بن سالم ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : ربما مشى النبي - صلى الله عليه وسلم - في نعل واحدة ، وهكذا أورده صاحب المصابيح ، وصاحب المشكاة ، والشيخ الجزري في تصحيح المصابيح عن الترمذي ، والله أعلم .

وسيأتي في الأصل ، هذا وذكر في شرح السنة أنه قد ورد في الرخصة بالمشي في نعل واحدة أحاديث ، وروي عنعلي وابن عمر ، وكان ابن سيرين لا يرى بها بأسا . ( ولا يمشي ) : بالنفي ، ومعناه النهي كما في نسخة ( في خف واحد ولا يأكل ) : بالخبر ومعناه النهي على ما في نسخة ( بشماله ) : قيل : هو خبر بمعنى النهي عطف على مجموع المقيد والقيد ، لا على المقيد بقيده متقدم ، حتى يلزم مشاركة المعطوف للمعطوف عليه في ذلك المقيد ، وهو لا يصح هنا ، وقيل : هو على صيغة النفي بمعنى النهي ، ولا يجوز جعله نهيا معطوفا على النهيين السابقين ، والصواب أن يكون معطوفا على النهي السابق مأخوذا مع شرحه كيلا يتقيد بالشرط ، وحينئذ لا إشكال سواء جعل نهيا أو نفيا . ( ولا يجتبي ) : بالنفي فقط ( بالثوب الواحد ) : أي إذا لم يكن على عورته شيء ( ولا يلتحف الصماء ) : بتشديد الميم أي التحاف الصماء وهو لبسها ، ونهى عنه لأنه ربما يؤدي إلى كشف العورة ، وقد سبق الكلام عليها . ( رواه مسلم ) ، وروى الشرطية الأولى بانفرادها مسلم والبخاري في تاريخه والنسائي في سننه عن أبي هريرة ، والطبراني عن شداد بن أوس .

[ ص: 2812 ] وفي رواية البزار ، وابن عدي في الكامل ، عن أبي هريرة مرفوعا " إذا انقطع شسع أحدكم ، فليسترجع ; فإنها من المصائب " . وروى النسائي عن جابر أنه - صلى الله عليه وسلم - كان ينهى أن يمس الرجل ذكره بيمينه ، وأن يمشي في نعل واحدة ، وأن يشتمل الصماء وأن يجتبي في ثوب ليس على فرجه منه شيء .




الخدمات العلمية