الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
438 - وعن أم سلمة رضي الله عنها ، قالت : قلت : يا رسول الله ، إني امرأة أشد ضفر رأسي ، أفأنقضه لغسل الجنابة ؟ فقال : " لا ; إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ، ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين ) . رواه مسلم .

التالي السابق


438 - ( وعن أم سلمة قالت : قلت : يا رسول الله ، إني امرأة أشد ) بفتح الهمزة وضم الشين أي : أحكم ( ضفر رأسي ) : أي : بنسجه أو فتله ، بالضاد المفتوحة المعجمة والفاء الساكنة : نسج الشعر وإدخال بعضه في بعض ، والضفيرة الذؤابة ، ( أفأنقضه ) : أي : أفرقه ( لغسل الجنابة ) : أي : لأجله حتى يصل الماء إلى باطنه ، وفي رواية : أفأنقضه للحيض والجنابة ؟ ( فقال : ( " لا " ) : أي : لا تنقضي ، بمعنى لا يلزمك نقضه ، والأصح أن هذا الحكم مختص بالنساء دون الرجال من الأشراف وغيرهم ( " إنما يكفيك أن تحثي " ) بسكون الياء بعد كسر الثاء ; لأنه خطاب للمؤنث ، فحذف نونه نصبا ، ولا يجوز فيه فتح الياء ، والحثي : الإثارة ، أي : تصبي ( " على رأسك ثلاث " ) : ظرف ( " حثيات " ) بفتحات ، أي : مرات . قال ابن الملك : وليس المراد منه الحصر في ثلاث ، بل إيصال الماء إلى الشعر ، فإن وصل الماء على ظاهره مرة فالثلاث سنة ، وإلا فالزيادة واجبة ، حتى يصل . أقول : الظاهر إنه أنما نص على الثلاث ; لأن الغالب أن الماء لا يصل لباطن الشعر المضفور ، ولا يمنع من ذلك شدها له بالمعنى السابق ; لأنه مع ذلك قد يصل الماء لما تحته لقلته ، إذ شعور العرب كانت خفيفة غالبا ، وما أفاده من أنه لا يجب نقض الضفائر محمول على ما إذا وصل الماء إلى باطنها كله ، وإلا وجب ; لخبر : " تحت كل شعرة جنابة " ، وعلى هذا أكثر أهل العلم خلافا للنخعي ومالك ، حيث أوجبا نقضها مطلقا ، ولقول أحمد : يجب نقضها في الجنابة دون الحيض ( " ثم تفيضين " ) : أي : تصبين ( " عليك " ) : أي : على سائر أعضائك ( " الماء فتطهرين " ) كذا في كتاب الحميدي وعامة نسخ المصابيح ، والقياس حذف النون عطفا على تحثي ، وكذا هو في بعض نسخ المصابيح اهـ . فالوجه أن يكون التقدير : أنت تفيضين ، فيكون من باب عطف الجمل ، والله تعالى أعلم . ( رواه مسلم ) .




الخدمات العلمية