الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
440 - وعن معاذة رضي الله عنها ، قالت : قالت عائشة : كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد بيني وبينه ، فيبادرني ، حتى أقول : دع لي دع لي . قالت : وهما جنبان . متفق عليه .

التالي السابق


440 - ( وعن معاذة ) : هي بنت عبد الله العدوي ، روت عن عائشة رضي الله تعالى عنها قاله الطيبي ، وقال المصنف : وروى عنها قتادة وغيره ، ماتت سنة ثلاث وثلاثين ( قالت : قالت عائشة : كنت أغتسل أنا ورسول الله ) : بالرفع على العطف ، وينصب على المفعول معه صلى الله عليه وسلم قال الطيبي : إبراز الضمير ليصح العطف . فإن قلت : كيف يصح العطف ولا يقال : اغتسل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ؟ أجيب : بأنه على تغليب المتكلم على الغالب كما غلب المخاطب على الغائب في قوله تعالى : اسكن أنت وزوجك الجنة فإن قيل : النكتة هناك أن آدم صلى الله عليه وسلم أصل في سكنى الجنة : قلنا : لا يزال النساء محال الشهوات وحاملات للاغتسال فكن أصلا ( من إناء واحد بيني وبينه ) : أي : موضوع . قال الطيبي : أي ووضع الإناء بيني وبينه ، وهو واسع الرأس ، فنجعل أيدينا فيه ونأخذ الماء للاغتسال به . ( فيبادرني ) : أي : يسبقني لأخذ الماء . قال الأشرف : ليس المعنى أنه يبادرني ويغتسل ببعضه ويترك لي الباقي فأغتسل منه ; لأنه صلى الله عليه وسلم نهى أن تغتسل المرأة بفضل الماء . وقال : فليغترفا جميعا ، كما سيأتي في آخر باب مخالطة الجنب ، بل المعنى أنهما اغتسلا فيه معا ( حتى أقول : دع لي دع لي ) : أي : اترك لي ما أكمل

[ ص: 428 ] غسلي ، والتكرار للتأكيد أو التعديد ( قالت ) : أي : معاذة ، وقيل : عائشة ( وهما ) : أي : النبي صلى الله عليه وسلم وعائشة رضي الله عنها ( جنبان ) : قال ابن الملك : وهذا يدل على أن الماء الذي يدخل فيه الجنب يده طاهر مطهر سواء فيه الرجل والمرأة . قال الطيبي : فيه دليل على أن غمس الجنب يده في الماء لا يخرجه عن الطهورية ا هـ .

وفيه أنه من أين علم الغمس قبل غسل اليد ؟ وعلى تسليمه يحمل على قصد الاغتراف . قال ابن الهمام : قال علماؤنا جميعا : لو أدخل المحدث أو الجنب أو الحائض التي طهرت اليد في الإناء للاغتراف لا يصير مستعملا للحاجة ، واستدل بهذا الحديث ثم قال : بخلاف ما لو أدخل المحدث رجله أو رأسه حيث يفسد الماء لعدم الضرورة ( متفق عليه ) قال السيد جمال الدين : فيه نظر ; لأن البخاري لم يقل : فيبادرني حتى أقول : دع لي دع لي ، وإنما هو من إفراد مسلم . وقال ابن حجر : وفي رواية لمسلم عنها : كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء يسع ثلاثة أمداد أو قريبا من ذلك اهـ .

وهذا يؤيد رواية : أنه توضأ بنصف مد أو بثلثي مد ، والله تعالى أعلم .




الخدمات العلمية