الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4580 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لا عدوى ولا صفر ولا غول " . رواه مسلم .

التالي السابق


4580 - ( وعن جابر - رضي الله عنه - قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : لا عدوى ولا صفر ولا غول ) . بالضم قال شارح : الغول بالفتح المصدر ومعناه البعد والأهلاك ، وبضم الغين الاسم منه وهو من السعالي ، وفي النهاية : أن الغول أحد الغيلان وهي جنس من الجن والشياطين ، كانت العرب تزعم أن الغول في الفلاة تتراءى للناس أي : فتتغول تغولا أي تتلون في صور شتى ، وتغولهم أي تضلهم عن الطريق وتهلكهم ، فنفاه النبي - صلى الله عليه وسلم - وقيل قوله : " لا غول " ليس نفيا لعين الغول ووجوده ، وإنما فيه إبطال زعم العرب في تلونه بالصور المختلفة واغتياله ، فيكون المعنى بقوله : لا غول أنها لا تستطيع أن تضل أحدا ، ويشهد له الحديث الآخر : " لا غول ولكن السعالي " والسعالي سحرة الجن أي : ولكن في الجنة سحرة لهم تلبيس وتخيل ، ومنه الحديث : " إذا تغولت الغيلان فبادروا بالأذان " أي ادفعوا شرها بذكر الله تعالى ، وهذا يدل على ثبوتها لا عدمها ، ومنه حديث أبي أيوب : كان لي ثمرة في سهوة ، فكانت الغول تجيء فتأخذه ، وفي شرح التوربشتي قال الطحاوي : يحتمل أن الغول قد كان ، ثم رفعه الله تعالى عن عباده ، وعن بعضهم : هذا ليس ببعيد لأنه محتمل أنه من خصائص بعثة نبينا - صلى الله عليه وسلم - ونظيره منع الشياطين من استراق السمع بالشهاب الثاقب . قلت : ثبت العرش ، ثم انقش ، فإن الأمر لا يثبت بالقياس ولا بالاحتمال ، والله أعلم بالحال .

[ ص: 2896 ] قال الطيبي : إن " لا " ـ والتي لنفي الجنس دخلت على المذكورات ونفت ذواتها وهي غير منفية ، فتوجه النفي إلى أوصافها وأحوالها التي هي مخالفة للشرع ، فإن العدوى وصفر والهامة والنوء موجودة ، والمنفي هو ما زعمت الجاهلية إثباتها ، فإن نفي الذات لإرادة نفي الصفات أبلغ ، لأنه من باب الكناية ، وقريب منه قوله تعالى : فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون فنهاهم عن الموت ، وهو ليس بمقدرهم ، فالمنهي هو حالة إذا أدركهم الموت لم يجدهم عليها ، وهي أن يكونوا على غير ملة الإسلام ، فالوجه ما ذهب إليه صاحب النهاية من الوجه الثاني ، واختاره الشيخ التوربشتي . ( رواه مسلم ) . وكذا أحمد .




الخدمات العلمية