الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4714 - وعن قيلة بنت مخرمة - رضي الله عنها - أنها رأت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد وهو قاعد القرفصاء . قالت : فلما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتخشع أرعدت من الفرق . رواه أبو داود .

التالي السابق


4714 - ( وعن قيلة - رضي الله تعالى عنها - ) : بفتح قاف وسكون تحتية ( بنت مخرمة ) : بسكون خاء معجمة بين فتحات ، قال المؤلف : تميمية روت عنها صفية ودحيبية ابنتا عليبة ، وكانتا من ربيبتيها وهي جدة أبيهما ولها صحبة . ( أنها رأت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد وهو قاعد ) أي : جالس ( القرفصاء ) : بالنصب على أنه مفعول مطلق وهو ممدود ، وفي نسخة مقصور . قال السيوطي : هو بضم القاف والفاء بينهما راء ساكنة ثم صاد مهملة ، ومد : جلسة المحتبي أن يدير ذراعيه ويديه على ساقيه . وقال الجوهري : القرفصاء ضرب من القعود يمد ويقصر ، فإذا قلت : قعد القرفصاء ، فكأنك قلت قعودا مخصوصا ، وهو أن يجلس على أليتيه ويلصق فخذيه ببطنه ، ويحتبي بيديه ويضعهما على ساقيه ، وقيل : هو أن يجلس على ركبتيه متكئا ويلصق بطنه لفخذيه ويتأبط كفيه ، وفي القاموس القرفصاء مثلثة القاف والفاء مقصورة ، والقرفصاء بالضم ، والقرفصاء بضم القاف والراء على الإتباع . ( قالت : فلما رأيت ) أي : أبصرت ( رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتخشع ) أي : الخاشع الخاضع المتواضع . الظاهر أنه حال على ما جوزه الكوفيون في قول لبيد :

وأرسلها العراك و لم يذدها

.

مع أن تأويل البصريين قد يأتي هنا أيضا بأنه معرفة موضوعة موضع النكرة ، بمعنى أن اللام للعهد الذهني أو زائدة ، وإنما اخترنا الحالية على الوصفية مع أنه لا مانع ؛ لأن معنى الحال في هذا المقام أظهر ، فتأمل وتدبر . وقال التوربشتي : يجوز أن يكون نعتا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأن يكون مفعولا ثانيا ، ويكون التقدير : الرجل المتخشع . وقال القاضي : " المتخشع " صفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا يجوز أن يجعل ثاني مفعولي رأيت ؛ لأنه هاهنا بمعنى أبصرت . قال الطيبي : سلك الشيخ التوربشتي مسلك التجريد جرد من ذاته الزكية الرجل المتخشع وجعله شخصا آخر ، وهو مبالغة لكمال التخشع فيه وإلقاء رداء الهيبة عليه ، ومن ثم قالت : ( أرعدت من الفرق ) : ونحوه قوله تعالى : فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان ، الكشاف : قرأ عبيد بن عمير " وردة " بالرفع بمعنى فحصلت سماة وردة ، وهو من الكلام الذي يسمى التجريد كقوله : فلئن بقيت لأرحلن بغزوةتحوي الغنائم أو يموت كريم

والتفعيل هنا ليس للتكلف ، بل هو لزيادة المعنى والمبالغة ، كما في أسماء الله تعالى نحو المتكبر اهـ . وقولها : أرعدت بصيغة المجهول ، أي : أخذتني الرعدة والاضطراب والحركة من الفرق بفتحتين ، أي : من أجل الخوف والمعنى : هبته مع خضوعه وخشوعه . ( رواه أبو داود ) .




الخدمات العلمية