الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
469 - وعن شعبة ، قال : إن ابن عباس رضي الله عنه كان إذا اغتسل من الجنابة يفرغ يده اليمنى على يده اليسرى سبع مرار ، ثم يغسل فرجه ، فنسي مرة كم أفرغ ، فسألني . فقلت : لا أدري . فقال : لا أم لك ! وما يمنعك أن تدري ؟ ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ، ثم يفيض على جلده الماء ، ثم يقول : هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتطهر . رواه أبو داود .

التالي السابق


469 - ( وعن شعبة ) : هو ابن دينار ، وهو مولى ابن عباس ، وضعفه النسائي ، وقواه غيره ، قاله السيد ، ولم يذكره المصنف . ( قال : إن ابن عباس كان إذا اغتسل ) : قال ابن حجر : أي أراد الغسل ، والظاهر أن الكلام لا يحتاج إليه ; لأن التقدير : كان ابن عباس وقت اغتساله ( من الجنابة ، يفرغ ) : من الإفراغ ، أي : يصب ( بيده اليمنى ) : أي : الماء ( على يده اليسرى سبع مرار ) ، وفي نسخة : سبع مرات . قال ابن حجر : ولعله لنجاسة كانت فيها ، وكان سبب السبع أنه لم يبلغه النسخ ، وكذلك لم يبلغ أحمد ; فقال بوجوب غسل كل نجاسة سبعا ، ويحتمل أنه بلغه النسخ ، وكان من مذهبه أنه إذا نسخ الوجوب بقي الندب ، كما قيل ، وإن كان الأصح أنه بقي مطلق الجواز لا خصوص الاستحباب . وكان لا تفيد الدوام على التحقيق ، بل إن ذلك أمر عرفي فيها لا وضعي ، فلا يلزم أن ذلك كان من دأب ابن عباس وعادته لا لنجاسة فيها . ( ثم يغسل فرجه ) : أي : سبعا وهو يعلم بالطريق الأولى ( فنسي ) : أي : ابن عباس ( مرة ) : أي : من الأوقات ( كم أفرغ ، فسألني . فقلت : لا أدري . فقال : لا أم لك ) : وقيل : معناه أنت لقيط . في النهاية : لا أبا لك أكثر ما يستعمل في معرض المدح أي : لا كافئ لك غير نفسك ، وقد يذكر في معرض الذم كما يقال : لا أم لك . وفي معرض التعجب دفعا للعين كقولهم : لله درك ، وفي معناه جد في أمرك وشمر ; لأن من له أب اتكل عليه في بعض شأنه . قيل : إنما جاء الفرق بين لا أب لك ولا أم لك ; لأن الأب إذا فقد دل على الاستقلال ، والأم منسوب إليها الشفقة والرفق ، وما في الحديث وارد على الذم لما أتبعه من قوله : ( وما يمنعك أن تدري ؟ ) : والواو عطف بالجملة الاستفهامية على الجملة الدعائية ، والجامع كونهما إنشائيتين ، قاله الطيبي . ( ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ، ثم يفيض ) : من الإفاضة ( على جلده الماء ) : قال ابن حجر : ذكره لأنه الأصل ، وإلا فغسل الشعر واجب أيضا ، ( ثم يقول : هكذا ) : الظاهر رجوعه لجميع ما مر ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتطهر ) : أي قبل النسخ ، أو الإشارة راجعة إلى ما ذكر من الوضوء والإضافة . قال ابن حجر : وفيه أنه لا مناسبة لهذا الحديث بالترجمة ، إلا أن فيه بعض أحكام تتعلق بالجنب ، فذكر استطرادا لأجلها ، ولو ذكره في باب الغسل لكان أولى . ( رواه أبو داود ) : وسكت عليه .




الخدمات العلمية