الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4804 - وعن صخر بن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه ، عن جده - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إن من البيان سحرا ، وإن من العلم جهلا ، وإن من الشعر حكما ، وإن من القول عيالا " . رواه أبو داود .

التالي السابق


4804 - ( وعن صخر بن عبد الله بن بريدة ) : تابعي يروي عن أبيه عن جده وعن عكرمة ، وعنه حجاج بن حسان وعبد الله بن ثابت . ( عن أبيه ) أي : عبد الله بن بريدة ، وهو قاضي مرو تابعي من مشاهير التابعين وثقاتهم ، سمع أباه وغيره من الصحابة . وروى عنه ابنه سهل وغيره ، مات بمرو ، وله أحاديث كثيرة ( عن جده ) أي : بريدة بن الحصيب الأسلمي ، أسلم قبل بدر ولم يشهدها ، وبايع بيعة الرضوان ، وكان من ساكني المدينة ، ثم تحول إلى البصرة ، ثم خرج منها إلى خراسان غازيا ، فمات بمرو زمن يزيد بن معاوية سنة اثنتين وستين ، روى عنه جماعة . والحصيب تصغير الحصب ذكره المؤلف . ( قال ) أي : بريدة ( سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إن من البيان سحرا ) : مر بيانه ( وإن من العلم جهلا ) أي : لكونه علما مذموما والجهل به خير منه ، أو لكونه علما بما لا يعنيه فيصير جهلا بما يعنيه . في النهاية ، قيل : هو أن يتعلم من العلوم ما لا يحتاج إليه كالنجوم

[ ص: 3022 ] وعلم الأوائل ، ويدع ما يحتاج إليه في دينه من علم القرآن والسنة ، فالاشتغال به يمنعه عن تعلم في ما هو محتاج إليه ، فيكون جهلا له . قال الأزهري : وقيل : هو أن لا يعمل بعلمه فيكون ترك العمل بالعلم جهلا ، ومصدقه قوله تعالى : مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا ، قلت : ويؤيده أيضا قوله تعالى : إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ، ففي معالم التنزيل قال قتادة : أجمع أصحاب النبي على أن كل ما عصي به الله فهو جهالة عمدا كان أو لم يكن ، وكل من عصى الله فهو جاهل . ( وإن من الشعر حكما ) : بضم فسكون أي : حكمة كما سبق ولقوله تعالى : وآتيناه الحكم صبيا ، أي : الحكمة ( وإن من القول ) أي : الكلام ( عيالا ) : بكسر أوله ، وفي رواية لغير أبي داود : عيلا بفتح فسكون أي : ثقلا ووبالا عليك ، أو ثقلا على سامعك ؛ لأنه عالم به أو جاهل لا يفهمه ، ففي النهاية : هو عرضك حديثك وكلامك على من لا يريده وليس من شأنه . ( رواه أبو داود ) : قال ميرك : وفي إسناده أبو عبيدة يحيى بن واضح الأنصاري ، وثقه ابن معين ، وأبو حاتم . قال : وأدخله البخاري في الضعفاء . قال أبو حاتم : تحول من هناك اهـ . ووهم أبو حاتم فيه ، بل البخاري احتج به .




الخدمات العلمية