الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4956 - وعنه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا أتاه السائل أو صاحب الحاجة قال : " اشفعوا فلتؤجروا ويقضي الله على لسان رسوله ما شاء " . متفق عليه .

التالي السابق


4956 - ( وعنه ) أي : عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - ( عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا أتاه السائل ) أي : للعطية ( أو صاحب الحاجة ) أي : إليه أو إلى غيره ، وهو أعم من السؤال فأو للتنويع ( قال : اشفعوا ) أي : له ( فلتؤجروا ) بسكون الهمزة ويبدل ، وهو أمر المخاطب باللام نحو قوله تعالى : قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا ، بالخطاب في رواية يعقوب من العشرة بناء على الأصل المرفوض ، وقد روي مرفوعا ، ويؤيده أنه قرئ ( فافرحوا ) والفاء بمعنى الشرط ، كأنه قيل : إن شفعتم فتؤجروا ، وفي المغني أن اللام الطلبية قد تخرج عن الطلبية إلى غيره كالتي يراد بها أو بمصحوبها الخير نحو قوله تعالى : قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا ، اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم ، أي : فيمد ونحمل . اهـ .

وخلاصة المعنى اشفعوا تؤجروا كما في رواية ابن عساكر عن معاوية ، وكذا في هذا الحديث على ما سيأتي ، ثم رأيت الطيبي قال : الفاء في ( فلتؤجروا ) أو اللام مقحمة للتأكيد ، بل كلاهما مؤكدان ; لأنه لو قيل : تؤجروا جوابا للأمر تم كلامه ، ولا يخفى ما سبق من التحقيق والله ولي التوفيق . قال المظهر : والمعنى إذا عرض صاحب حاجة حاجته علي اشفعوا له إلي ، فإنكم إن شفعتم له حصل لكم بتلك الشفاعة أجر ، سواء قبلت شفاعتكم أو لم تقبل ، وقوله : ويقضي الله على لسان رسوله ، أي : يجري على لساني ( ما شاء ) أي : إن قضيت حاجته من شفاعتكم له فهو بتقدير الله ، وإن لم أقض فهو أيضا بتقدير الله . اهـ .

وقوله على لسان رسوله يحتمل أن يكون نقلا بالمعنى ، وأن يكون فيه نوع التفات وهو ظاهر كلام المظهر ، وفي زيادة المضاف إفادة أن غيره في هذا الملف بطريق الأولى . وقال الطيبي هو من باب التجريد إذ الظاهر أن يقال على لساني ، كأنه قال : اشفعوا لي ولا تقولوا ما ندري ، أيقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شفاعتنا أم لا ؟ فإني وإن كنت رسول الله ونبيه وصفيه لا أدري أيضا أقبل شفاعتكم أم لا ؟ لأن الله تعالى هو القاضي ، فإن قضى في أن أقبل أقبل وإلا فلا . وهو من قوله - صلى الله عليه وسلم - " اعملوا فكل ميسر لما خلق له " قلت : وفيه تلميح وتلويح إلى قوله : وما أدري ما يفعل بي ولا بكم . قال النووي : أجمعوا على تحريم الشفاعة في الحدود بعد بلوغها إلى الإمام ، وأما قبله فقد أجاز الشفاعة فيه أكثر العلماء إن لم يكن المشفوع فيه صاحب شر وأذى للناس ، وأما المعاصي التي لا حد فيها والواجب التعزير ، فيجوز الشفاعة والتشفع فيها سواء بلغت الإمام أم لا ، ثم الشفاعة فيها مستحبة إذا لم يكن المشفوع فيه مؤذيا وشريرا . ( متفق عليه ) . ورواه أبو داود والترمذي والنسائي ذكره ميرك ، وفي الجامع الصغير : " اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء " . رواه الشيخان والثلاثة .




الخدمات العلمية