الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثالث

4990 - عن عبد الرحمن بن أبي قراد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ يوما ، فجعل أصحابه يتمسحون بوضوئه ، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : " ما يحملكم على هذا ؟ " قالوا : حب الله ورسوله . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من سره أن يحب الله ورسوله أو يحبه الله ورسوله فليصدق حديثه إذا حدث ، وليؤد أمانته إذا أؤتمن ، وليحسن جوار من جاوره " .

التالي السابق


الفصل الثالث

4990 - ( عن عبد الرحمن بن أبي قراد ) بضم القاف . قال المؤلف : صحابي أسلمي ، يعد في أهل الحجاز ، روى عنه أبو جعفر الخطمي وغيره . ( أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ يوما ، فجعل أصحابه يمسحون بوضوئه ) ، بفتح الواو وأبعد من ضمها وقدر الماء ( فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : ما يحملكم على هذا ؟ ) أي : التمسح ، وكان هذا من المعلوم الواضح عنده أنه للتبرك الناشئ عن حسن الاعتقاد في الله ورسوله فالسؤال لإظهار ما يترتب على الجواب . ( قالوا : حب الله ورسوله ) أي : الحامل أو حملنا ، ( فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من سره أن يحب الله ورسوله ) أي : على وجه الكمال ( أو يحبه الله ورسوله ) : أو للتنويع أو بمعنى بل ، وهو الأظهر ويحتمل شك الراوي ( فليصدق ) : بضم الدال ( حديثه ) : بالنصب أي : في حديثه ففي القاموس : الصدق بالكسر والفتح ضد الكذب ، أو بالفتح مصدر وبالكسر الاسم ، وصدق في الحديث وصدق فلانا الحديث أو القتال ، وصدقه تصديقا ضد كذبه . ( إذا حدث ) ، أي : متى تكلم وتحدث ( وليؤد أمانته إذا أؤتمن ) بسكون الهمز ويبدل ألفا حال الوصل ، وهو على بناء المفعول ويكتب بالواو ; لأن حالة الابتداء به بعد الوقف على ما قبله يجب قلب الهمزة الثانية واوا ، ولا يغرك كتابته في أكثر النسخ إذا ائتمن بالياء ، فإنه نشأ من قلة الاطلاع على الرسم وآداب الوقف والوصل ، وهو علم مستقل ، بل علمان غير ما يتعلق بالكلمة من القواعد الصرفية والنحوية ، وسائر علوم العربية ، ومن هذا القبيل قوله تعالى : [ ص: 3126 ] فليؤد الذي أؤتمن أمانته ( وليحسن ) : من الإحسان أي : ليكرم ( جوار من جاوره ) . بكسر الجيم أي : مجاورة جيرانه ، ومعاشرة أصحابه وإخوانه ، فإن هذه الأوصاف من أخلاق المؤمنين ، وأضدادها من علامات المنافقين ، فالمدار على الأفعال الباطنة دون الأحوال الظاهرة ، فكأنه صلى الله عليه وسلم نبههم على أن جملة همتهم يجب أن تكون على أمثال هذه الأخلاق دون الاكتفاء بظواهر الأمور المشترك فيها المؤمن والمنافق ، والمخالف والموافق والله الموفق . وخلاصة معناه ما ذكره الطيبي من قوله : يريد أن ادعاءكم محبة الله ، ومحبة رسوله لا يتم ، ولا يستتب بمسح الوضوء فقط ، بل بالصدق في المقال ، وبأداء الأمانة ، وبالإحسان إلى الجار .




الخدمات العلمية