الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        معلومات الكتاب

                                        إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

                                        ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

                                        صفحة جزء
                                        151 - الحديث الأول : عن عبد الله بن زيد بن عاصم المازني قال { خرج النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي ، فتوجه إلى القبلة يدعو ، وحول رداءه ، ثم صلى ركعتين ، جهر فيهما بالقراءة } وفي لفظ " إلى المصلى " .

                                        التالي السابق


                                        فيه دليل على استحباب الصلاة للاستسقاء . وهو مذهب جمهور الفقهاء وعند أبي حنيفة : لا يصلى للاستسقاء ، ولكن يدعى . وخالفه أصحابه ، فوافقوا الجماعة . وقالوا : تصلى فيه ركعتان بجماعة . واستدل لأبي حنيفة باستسقاء النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر يوم الجمعة ولم يصل للاستسقاء . قالوا : لو كانت سنة لما تركها . وفيه دليل على أن سنة الاستسقاء : البروز إلى المصلى . وفيه دليل على استحباب تحويل الرداء في هذه العبادة . وخالف أبو حنيفة في ذلك . وقيل : إن سبب التحويل : التفاؤل بتغيير الحال . وقال من احتج لأبي حنيفة : إنما قلب رداءه ليكون أثبت على عاتقه عند رفع اليدين في الدعاء ، أو عرف من طريق الوحي تغير الحال عند تغيير ردائه . قلنا : القلب من جهة إلى أخرى ، أو من ظهر إلى بطن : لا يقتضي الثبوت على العاتق . بل أي حالة اقتضت الثبوت أو عدمه في إحدى الجهتين : فهو موجود [ ص: 358 ] في الأخرى ، وإن كان قد قرب من السقوط في تلك الحال . فيمكن أن يثبته من غير قلب . والأصل عدم ما ذكر من نزول الوحي بتغير الحال عند تغير الرداء . والاتباع لفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى من تركه لمجرد احتمال الخصوص ، مع ما عرف في الشرع من محبة التفاؤل . وفيه دليل على تقديم الدعاء على الصلاة ، ولم يصرح بلفظ الخطبة . والخطبة عند مالك والشافعي بعد الصلاة . وفيه حديث عن أبي هريرة يقتضيه ، وفيه دليل على استقبال القبلة عند الدعاء مطلقا . وفيه دليل على الجهر في هذه الصلاة . والتحويل المذكور في الحديث يكتفي في تحصيل مسماه : بمجرد القلب من اليمين إلى اليسار . والله أعلم .




                                        الخدمات العلمية