الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  صفحة جزء
                                                                  ( 27 ) حدثنا أبو أسامة عبد الله بن محمد بن أبي أسامة الحلبي ، ثنا حجاج بن أبي منيع الرصافي ، ثنا جدي ، عن الزهري ، حدثني عوف [ ص: 24 ] بن الحارث بن الطفيل - وهو ابن أخي عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم لأمها - أن عائشة ، حدثت أن عبد الله بن الزبير قال في بيع أو عطايا أعطتها عائشة : والله لتنتهين عائشة أو لأحجرن عليها ، فقالت : أهو قال هذا ؟ قالوا : نعم ، قالت : هو لله علي نذر أن لا أكلم ابن الزبير كلمة أبدا ، فاستشفع ابن الزبير إليها الناس حين أطالت هجرته ، فقالت : والله لا أشفع فيه أحدا ، ولا أحنث في نذري أبدا ، فلما طال ذلك على ابن الزبير كلم المسور بن مخرمة ، وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث - وهما من بني زهرة - فقال لهما : أنشدكما الله إلا أدخلتماني على عائشة ، وإنه لا يحل لها أن تنذر قطيعتي ، فأقبل المسور بن مخرمة ، وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث مشتملين عليه بأرديتهما حتى استأذنا على عائشة ، فقالا : السلام على النبي ورحمة الله وبركاته ، أندخل ؟ قالت عائشة : ادخلوا ، قالوا : كلنا يا أم المؤمنين ؟ قالت : نعم فادخلوا كلكم - ولا تشعر عائشة أن معهما ابن الزبير - فلما دخلوا دخل ابن الزبير الحجاب ، فاعتنق عائشة فطفق يناشدها ويبكي ، وطفق المسور بن مخرمة ، وعبد الرحمن بن الأسود يناشدان عائشة بالله أن كلميه وقبلت منه ، ويقولان لها : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن الهجرة كما علمت وقال : " لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال " ، فلما أكثروا على عائشة من التذكرة والتحريج طفقت تذكرهم ، وتبكي وتقول : إني قد نذرت ، والنذر شأنه شديد ، فلم يزالا بها حتى كلمت ابن الزبير ثم أعتقت في نذرها أربعين رقبة ، ثم كانت تذكر نذرها ذلك بعدما أعتقت أربعين رقبة ثم تبكي حتى تبل دموعها خمارها .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية