الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  صفحة جزء
                                                                  ( 152 ) حدثنا محمد بن عمرو بن خالد الحراني ، ثنا أبي ، ثنا عتاب بن بشير ، عن خصيف ، عن مقسم ، عن عائشة ، قالت : دخلت علي أم مسطح فخرجنا إلى حير عاد ، فوطئت أم مسطح على عظم أو شوكة ، فقالت : تعس مسطح ، فقلت : بئس ما قلت ، رجل من أصحاب رسول الله عليه السلام ، فقالت : أشهد أنك من الغافلات المؤمنات ، أتدرين ما قد طار عليك ؟ ، قلت : لا والله ، قالت : متى عهد رسول الله بك ؟ ، قلت : رسول الله يفعل في أزواجه ما أحب ، يبدأ بمن أحب منهن ويأتي من أحب ، قالت : فإنه طبق عليك كذا وكذا ، فخررت مغشيا علي ، فبلغ أم رومان أمي ، فلما بلغها الأمر أتتني فحملتني فذهبت إلى بيتها ، فبلغ رسول الله أن عائشة قد بلغها الأمر ، فجاء إليها فدخل عليها وجلس عندها وقال : " يا عائشة إن الله قد وسع التوبة " ، فازددت شرا إلى ما بي ، فبينا نحن كذلك إذ جاء أبو بكر فدخل علي ، فقال : يا رسول الله ما تنتظر بهذه التي خانتك وفضحتني ، قالت : فازددت شرا إلى شر ، قالت : فأرسل إلى علي فقال : " يا علي ما ترى في عائشة ؟ " ، قال : الله ورسوله أعلم ، قال : " لتخبرني ما ترى في عائشة " ، قال : قد وسع الله النساء ، ولكن [ ص: 118 ] أرسل إلى بريرة خادمتها فسلها ، فعسى أن تكون قد اطلعت على شيء من أمرها ، فأرسل إلى بريرة فجاءت فقال لها : " أتشهدين أني رسول الله ؟ " ، قالت : نعم ، قال : " فإني سائلك عن شيء فلا تكتميني " ، قالت : نعم يا رسول الله ، ما من شيء تسألني عنه إلا أخبرتك به ، ولا أكتمك إن شاء الله شيئا ، قال : " قد كنت عند عائشة ، فهل رأيت منها ما تكرهينه ؟ " ، قالت : لا ، والذي بعثك بالنبوة ما رأيت منها مذ كنت عندها إلا خلة ، قال : " وما هي ؟ " ، قالت : عجنت عجينا لي فقلت لعائشة : احفظي هذه العجينة حتى اقتبس نارا فأخبز ، فقامت تصلي ، فغفلت عن الخمير فجاءت شاة فأكلتها ، فأرسل إلى أسامة فقال : " يا أسامة ما ترى في عائشة ؟ " ، قال : الله ورسوله أعلم ، قال : " لتخبرني بما ترى فيها " ، قال : فإني أرى أن تمسك فيها حتى يحدث الله إليك فيها ، قالت : فما كان إلا يسيرا حتى نزل الوحي ، فلم يزل يرى في وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السرور ، وجاء عذرها من السماء - يعني : من الله - فقال رسول الله : " أبشري يا عائشة ، ثم أبشري يا عائشة ، فقد أنبأني الله بعذرك " ، فقلت : بغير حمدك وحمد صاحبك ، قالت : فعند ذلك تكلمت ، وكانت إذا أتاها يقول : " كيف تيكم ؟ " .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية