الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  صفحة جزء
                                                                  ( 162 ) حدثنا سلمة بن إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن سلمة بن كهيل ، عن الحسن العربي ، عن ابن عباس ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سافر سافر ببعض نسائه ويقسم بينهم ، فسافر بعائشة بنت أبي بكر ، وكان لها هودج ، وكان الهودج له رجال يحملونه ويضعونه ، فعرس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، وخرجت عائشة للحاجة ، فتباعدت فلم يعلم بها ، فاستيقظ النبي - صلى الله عليه وسلم - والناس قد ارتحلوا ، وجاء الذين يحملون الهودج فحملوه ولا يعلمون إلا أنها فيه ، فساروا وأقبلت عائشة فوجدتهم قد ارتحلوا ، فجلست مكانها ، فاستيقظ رجل من الأنصار يقال له صفوان بن المعطل ، وكان لا يقرب النساء ، فتقرب منها ، وكان معه بعير له ، فلما رآها حملها ، وقد كان يراها قبل الحجاب ، وجعل يقود بها البعير حتى أتوا الناس والنبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه عائشة وأكثروا القول ، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فشق عليه حتى [ ص: 124 ] اعتزلها ، واستشار فيها زيد بن ثابت وغيره ، فقال : يا رسول الله دعها لعل الله أن يحدث لك فيها ، فقال علي بن أبي طالب : النساء كثير ، فحمل النبي - صلى الله عليه وسلم - عليها ، وخرجت عائشة ليلة تمشي في نساء فعثرت أم مسطح ، فقالت : تعس مسطح ، فقالت عائشة : بئس ما قلت ، تقولين هذا لرجل من أصحاب رسول الله ؟ ، فقالت : إنك ما تدرين ما يقولون ، وأخبرتها الخبر ، فسقطت عائشة مغشيا عليها ، ثم نزل القرآن بعذرها في سورة النور إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم - حتى بلغ - والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم ونزل ولا يأتل أولو الفضل منكم - إلى قوله - والله غفور رحيم ، وكان أبو بكر يعطي مسطحا ويبره ويصله ، وكان ممن أكثر على عائشة ، فحلف أبو بكر أن لا يعطيه شيئا ، فنزلت هذه الآية ألا تحبون أن يغفر الله لكم فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يأتيها ويبشرها ، فجاء أبو بكر فأخبرها بعذرها وبما أنزل الله ، فقالت : لا بحمدك ولا بحمد صاحبك .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية