الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  صفحة جزء
                                                                  6601 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، أخبرني عبد الرحمن بن كعب المدلجي ، أن أباه ، أخبره ، أنه سمع سراقة يقول : " جاءتنا رسل كفار قريش يجعلون في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر دية كل واحد منهما لمن قتلهما ، أو أسرهما ، قال : فبينا أنا جالس في مجلس من مجالس قومي من بني مدلج أقبل رجل منهم حتى قام علينا ، فقال : يا سراقة إني رأيت آنفا أسودة بالساحل ، أراها محمدا وأصحابه ، قال سراقة : فعرفت أنهم هم ، فقلت : إنهم ليسوا بهم ، ولكنك رأيت فلانا وفلانا انطلقوا بغاة ، قال : ثم ما لبثت في المجلس إلا ساعة ، حتى قمت فدخلت بيتي ، فأمرت جاريتي أن تخرج لي فرسي ، وهي من وراء أكمة تحبسها علي ، وأخذت رمحي ، فخرجت به من ظهر البيت ، فخططت [ ص: 133 ] برمحي في الأرض ، وخفضت عالية الرمح ، حتى أتيت فرسي فركبتها فرفعتها تقرب بي ، حتى رأيت أسودتهم ، فلما دنوت منهم حيث يسمعون الصوت عثرت بي فرسي ، فخررت عنها ، فقمت فأهويت بيدي إلى كنانتي ، فأخرجت منها الأزلام ، فاستقسمت بها ، أضرهم أم لا ؟ فخرج الذي أكره ، أن لا أضرهم ، فركبت فرسي ، وعصيت الأزلام ، فرفعتها تقرب بي منهم أيضا ، حتى إذا دنوت سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت ، وأبو بكر رضي الله عنه يكثر الالتفات ، ساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغت الركبتين ، فخررت عنها ، فزجرتها ، فنهضت ، فلم تكد تخرج يداها ، فلما استوت قائمة ، إذ لأثر يديها عثان ساطع في السماء من الدخان ، - قال معمر : قلت لأبي عمرو بن العلاء : ما العثان ؟ فسكت ساعة ، ثم قال : هو الدخان من غير نار ، قال معمر : قال الزهري في حديثه - فاستقسمت بالأزلام ، فخرج الذي أكره : أن لا أضرهما ، فناديتهما بالأمان ، فوقفا ، وركبت فرسي حتى جئتهم ، وقد وقع في نفسي حين لقيت منهم ما لقيت من الحبس عنهم ، أنه سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت له : إن قومك جعلوا فيك الدية ، وأخبرتهم من أخبار سفرهم ، وما يريد الناس بهم ، وعرضت عليهم الزاد والمتاع ، فلم يرزءوني شيئا ، ولم يسألوني إلا أن : " أخف عنا " ، فسألته أن يكتب لي كتاب موادعة ، آمن به ، فأمر عامر بن فهيرة ، فكتبه لي في رقعة من أدم ، ثم مضى " .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية