الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  صفحة جزء
                                                                  6799 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، ثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل وحدثنا محمد بن عمرو بن خالد الحراني ، ثنا أبي قالا : ، ثنا زهير ، عن [ ص: 192 ] الأسود بن قيس ، عن ثعلبة بن عباد العبدي ، قال : شهدت خطبة يوما لسمرة بن جندب ، فذكر في خطبته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : بينا أنا وغلام من الأنصار نرمي غرضين لنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كانت الشمس قدر رمحين أو ثلاثة في عين الناظرين من الأفق ، اسودت حتى أضاءت كأنها تنومة ، فقال أحدنا لصاحبه : انطلق بنا إلى المسجد ، فوالله ، ليحدثن شأن هذه الشمس لرسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته حدثا فذهبت إلى المسجد ، فإذا هو يتأزز - يعني ممتلئ - فوافقنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج إلى الناس ، فاستقدم ، فقام بنا كأطول ما قام بنا في صلاة قط ما نسمع له صوتا ، ثم ركع كأطول ما ركع بنا في صلاة قط ما نسمع له صوتا ، ثم سجد كأطول ما سجد بنا في صلاة قط لا نسمع له صوتا ، ثم فعل في الركعة الثانية مثل ذلك ، فوافق تجلي الشمس جلوسه في الركعة الثانية ، فسلم ، ثم حمد الله ، وأثنى عليه ، وشهد أن لا إله إلا هو ، وأنه عبد الله ورسوله ، ثم قال : " أيها الناس ، إني إنما أنا بشر رسول ، فأنشدتكم بالله إن كنتم تعلمون أني قصرت عن شيء من تبليغ رسالات ربي لما أخبرتموني ، فبلغت رسالات ربي كما ينبغي لها أن تبلغ ؟ وإن كنتم تعلمون أني قد بلغت رسالات ربي لما أخبرتموني ؟ " فقام الناس ، فقالوا : نشهد أنك قد بلغت رسالات ربك ، ونصحت لأمتك ، وقضيت الذي عليك ، ثم سكتوا ثم قال : " أما بعد ، فإن رجالا يزعمون أن كسوف هذه الشمس وكسوف هذا القمر ، وزوال هذه النجوم عن مطالعها لموت رجال من عظماء أهل الأرض ، وإنهم قد كذبوا ، ولكن إنما هي آيات من آيات الله عز وجل يعتبر بها عباده لينظر من يحدث له منهم توبة ، وإني والله قد رأيت منذ أقمت أصلي ما أنتم لاقون في أمر دنياكم وآخرتكم ، وإنه والله لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابا ، آخرهم الدجال الأعور ممسوح العين اليسرى كأنها عين أبي تحيى - شيخ من الأنصار حينئذ بينه وبين حجرة عائشة - وإنه متى يخرج فإنه سوف يزعم أنه الله ، فمن آمن به وصدقه واتبعه لم ينفعه صالح عمله [ ص: 193 ] سلف ، ومن كفر به وكذبه لم يعاقب بشيء من عمله سلف ، وإنه سيظهر على الأرض كلها إلا الحرم ، وبيت المقدس ، وإنه يحصر المسلمين في بيت المقدس ، فيؤزلون أزلا شديدا ، ثم يهلكه الله وجنوده ، حتى إن جذم الحائط وأصل الشجرة ليقول : يا مؤمن ، أو يا مسلم ، هذا كافر تعال اقتله ، ولن يكون ذلك حتى تروا أمورا عظاما يتفاقم شأنها في أنفسكم ، ثم تساءلون بينكم هل كان نبيكم صلى الله عليه وسلم ذكر لكم منها ذكرا ؟ وحتى تزول جبال عن مراتبها ، ثم على إثر ذلك القبض " وقبض أصابعه ، وأشار يمينا وشمالا ، ثم شهدت خطبة لسمرة ، فذكر فيها هذا الحديث فما قدم كلمة ولا أخرها عن موضعها .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية