الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                  صفحة جزء
                                                  4856 ـ حدثنا عبد الوارث بن إبراهيم قال : حدثنا سيف [ ص: 437 ] ابن مسكين الأسواري قال : حدثنا أبو الأشهب جعفر بن حيان ، عن عامر الشعبي ، عن فاطمة بنت قيس ، قالت : سمعت منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي : الصلاة جامعة ، فخرجت في نسوة من الأنصار حتى أتينا المسجد ، فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر ، ثم صعد المنبر ، فاستقبلنا بوجهه ضاحكا ، ثم قال : " إني والله ما جمعتكم لرغبة حديث ولا لرهبة ، إلا لحديث حدثني تميم الداري ، أتاني فأسلم وبايع ، فأخبرني أنه ركب في ثلاثين رجلا من لخم وجذام ـ وهما حيان من أحياء العرب من أهل اليمن ـ فصادفوا البحر حين اغتلم ، فلعب بهم الموج شهرا ، ثم قذفهم قريبا من غروب الشمس إلى جزيرة من جزائر البحر ، قال : فإذا نحن بدابة أهلب ، لا نعرف قبلها من دبرها ، قلنا : من أنت أيتها الدابة ؟ فأذن الله فكلمتنا بلسان ذلق طلق ، فقالت : أنا الجساسة ، قلنا : وما الجساسة ؟ قالت : إليكم عني ، عليكم بذاك الدير في أقصى الجزيرة ، فإن فيه رجلا هو إلى خبركم بالأشواق . فأتينا الدير ، فإذا نحن برجل أعظم رجل رأيته قط خلقا ، وأجسمه جسما ، وإذا هو ممسوح العين اليمنى ، كأن عينه نخامة في جدار مجصص ، وإذا [ ص: 438 ] يداه مغلولتان إلى عنقه ، وإذا رجلاه مشدودتان بالكبول من ركبتيه إلى قدميه ، فقلنا له : من أنت أيها الرجل ؟ قال : أما خبري فقد قدرتم عليه فأخبروني عن خبركم ؟ ما أوقعكم هذه الجزيرة ؟ وهذه الجزيرة لميصل إليها آدمي منذ صرت إليها ، فقال لنا : أخبروني عن بحيرة الطبرية ، ما فعلت ؟ فقلنا له : عن أي أمرها تسأل ؟ قال : هل نضب ماؤها ؟ هل بدا ما فيها من العجائب ؟ قلنا : لا والله ، قال : أما إنه سيكون ، ثم سكت مليا ثم قال : أخبروني عن عين زغر ، ما فعلت ؟ قلنا : عن أي أمرها تسأل ؟ قال : هل يحترث عليها أهلها ؟ قلنا له : نعم ، قال : أما إنه سوف يغور عنها ماؤها ، فلا يحترث عليه أهلها ، ثم سكت مليا ، ثم قال : أخبروني عن نخل بيسان ، ما فعل ؟ قلنا : عن أي أمره تسأل ؟ قال : هل يثمر ؟ قلنا : نعم ، قال : أما إنه لا يثمر ، ثم سكت مليا ، فقال : أخبروني عن النبي الأمي ، ما فعل ؟ قلنا : عن أي أمره تسأل ؟ قال : هل ظهر ؟ قلنا : نعم ، قال : فما صنعت معه العرب ؟ فقلنا : منهم من قاتله ، ومنهم من صدقه ، فقال : أما إنه من صدقه فهو خير له ثلاثا ، فقلنا : أخبرنا خبرك أيها الرجل ؟ قال : أما تعرفوني ؟ قلنا : لو عرفناك ما سألناك . قال : أنا الدجال ، يوشك أن يؤذن لي في الخروج ، فإذا خرجت وطئت أرض العرب كلها ، غير مكة وطيبة ، كلما أردتهما استقبلني ملك [ ص: 439 ] بيده السيف صلتا ، فردني عنهما " ، قال أبو الأشهب : قال عامر : قالت فاطمة : فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رافعا يديه حتى رأيت بياض إبطيه ، ثم قال : " ألا أخبركم ، إن هذه طيبة " ثلاثا ، ثم قال : " ألا أخبركم بأنه في بحر الشام ؟ " ثم أغمي عليه ساعة ، ثم سري عنه ، ثم قال : " بل هو في بحر اليمن " ، ثم أغمي عليه ساعة ، ثم سري عنه ، فقال : " هو في بحر العراق " ثلاثا " يخرج حين يخرج من بلدة ، يقال لها : أصبهان ، من قرية من قراها ، يقال لها : رستقباد ، يخرج حين يخرج على مقدمته سبعون ألفا ، عليهم التيجان ، معه نهران : نهر من ماء ، ونهر من نار ، فمن أدرك ذلك منكم ، فقيل له : ادخل الماء ، فلا يدخله ، فإنه نار ، وإذا قيل له : ادخل النار ، فليدخلها ؛ فإنه ماء " .

                                                  لم يرو هذا الحديث عن أبي الأشهب إلا سيف بن مسكين ، تفرد به : أبوعبيدة " .

                                                  التالي السابق


                                                  الخدمات العلمية