الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            قوله تعالى : ومنهم من عاهد الله .

                                                                                            11047 عن أبي أمامة أن ثعلبة بن حاطب أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، ادع الله أن يرزقني مالا . قال : " ويحك يا ثعلبة ، قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه ، أما تريد أن تكون مثل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لو سألت الله - عز وجل - أن تسيل لي الجبال ذهبا وفضة لسالت " . ثم رجع إليه فقال : يا رسول الله ، ادع الله أن يرزقني مالا ، والله لئن آتاني الله مالا لأوتين كل ذي حق حقه . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " اللهم ارزق ثعلبة مالا ، اللهم ارزق ثعلبة مالا ، اللهم ارزق ثعلبة مالا " . قال : فاتخذ غنما ، فنمت كما ينمو الدود حتى ضاقت عليه أزقة المدينة ، فتنحى بها ، وكان يشهد الصلاة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم يخرج إليها ، ثم نمت حتى تعذرت عليه مراعي المدينة ، فتنحى بها ، فكان يشهد الجمعة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم يخرج إليها ، ثم نمت فتنحى بها ، فترك الجمعة والجماعات ، فيتلقى الركبان فيقول : ماذا عندكم من الخبر ؟ وما كان من أمر الناس ؟ وأنزل الله - تعالى - على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ، واستعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الصدقات رجلين من الأنصار ورجلا من بني سليم ، فكتب لهم سنة الصدقة وأسنانها وأمرهم أن يصدقا الناس ، وأن يمرا بثعلبة فيأخذا منه صدقة ماله ، ففعلا حتى [ ص: 32 ] دفعا إلى ثعلبة ، فأقرآه كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : صدقا الناس ، فإذا فرغتم فمروا بي ، ففعلا ، فقال : [ والله ] ما هذه إلا أخية الجزية . فانطلقا حتى لحقا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - : ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون إلى قوله : " يكذبون " قال : فركب رجل من الأنصار قريب لثعلبة راحلته حتى أتى ثعلبة ، فقال : ويحك يا ثعلبة ، هلكت ، قد أنزل الله فيك من القرآن كذا ، فأقبل ثعلبة وقد وضع التراب على رأسه وهو يبكي ويقول : يا رسول الله يا رسول الله ، فلم يقبل منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [ صدقته حتى قبض الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - ] ثم أتى أبا بكر بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا أبا بكر قد عرفت موضعي من قومي ومكاني من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاقبل مني ، فأبى أن يقبل منه ، ثم أتى عمر فلم يقبل منه ، ثم أتى عثمان فلم يقبل منه ، ثم مات ثعلبة في خلافة عثمان . رواه الطبراني ، وفيه علي بن يزيد الألهاني ، وهو متروك .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية