الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            13837 وعن رقيقة بنت أبي صيفي بن هاشم - وكانت لدة عبد المطلب - قالت : تتابعت على قريش سنون أمحلت الضرع وأودقت العظم ، فبينا أنا راقدة الهم أو مهمومة إذا هاتف يصرخ بصوت صحل يقول : يا معشر قريش ، إن هذا النبي المبعوث قد أظلتكم أيامه ، وهذا إبان نجومه ، فحيهلا بالحيا والخصب ، ألا فانظروا رجلا منكم وسيطا عظاما جساما أبيض بضا ، أوطف ، أهدب ، سهل الخدين ، أشم العرنين ، له فخر يكظم عليه ، وسنة يهدي إليه ، فليخلص هو وولده وليهبط إليه من كل بطن رجل ، فليشنوا من الماء وليمسوا من الطيب وليستلموا الركن ، ثم ليرقوا أبا قبيس ، ثم ليدع الرجل وليؤمن القوم فغثتم ما شئتم . فأصبحت - علم الله - مذعورة اقشعر جلدي ووله عقلي ، واقتصصت رؤياي ، وفشت في شعاب مكة ، فوالحرمة والحرم ، ما بقي بها أبطحي إلا قال : هذا شيبة الحمد . وتناهت إليه رجالات قريش ، وهبط إليه من كل بطن رجل ، فشنوا ومسوا واستلموا ثم ارتقوا أبا قبيس واصطفوا حوله ، ما يبلغ سعيهم مهله ، حتى إذا استووا بذروة الجبل ، قام عبد المطلب ومعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غلام أيفع أو كرب ، فرفع يده وقال : اللهم ساد الخلة ، وكاشف الكربة ، أنت عالم معلم غير معلم ومسئول غير مبخل ، وهذه عبداؤك وإماؤك بعذرات حرمك ، يشتكون إليك سنيهم ، أذهبت الخلف والظلف ، اللهم فأمطرن علينا غيثا مغدقا مريعا . فورب الكعبة ما راموا حتى تفجرت السماء بمائها ، واكتظ الوادي بثجيجه ، فسمعت شيخان قريش وجلتها عبد الله بن جدعان ، وحرب بن أمية ، وهشام بن المغيرة ، يقولون لعبد المطلب : هنيئا لك أبا البطحاء . أي عاش بك أهل البطحاء وفي ذلك تقول رقيقة بنت أبي صيفي :

                                                                                            بشيبة الحمد أسقى الله بلدتنا وقد فقدنا الحيا واجلوذ المطر     فجاد بالماء جوني له سبل
                                                                                            سحا فعاشت به الأنعام والشجر     منا من الله بالميمون طائره
                                                                                            وخير من بشرت يوما به مضر     مبارك الأمر يستسقى الغمام به
                                                                                            ما في الأنام له عدل ولا خطر

                                                                                            رواه الطبراني ، وفيه من لم أعرفهم .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية