الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            13889 وعن جبير بن المطعم قال : كنت أكره أذى قريش للنبي - صلى الله عليه وسلم - فلما ظننت أنهم سيقتلوه خرجت حتى لحقت بدير من الديارات ، فذهب أهل الدير إلى رأسهم فأخبروه ، فقال : أقيموا له حقه الذي ينبغي له ثلاثا فلما رأوه لم يذهب فانطلقوا إلى صاحبهم فأخبروه ، فقال : قولوا له : قد أقمنا لك بحقك الذي ينبغي لك ، فإن كنت وصبا فقد ذهب وصبك ، وإن كنت واصلا فقد أنى لك أن تذهب إلى من تصل ، وإن كنت تاجرا فقد أنى لك [ ص: 233 ] أن تخرج إلى تجارتك ، فقال : ما كنت واصلا ولا تاجرا وما أنا بنصب ، فذهبوا إليه فأخبروه فقال : إن له لشأنا فاسألوه ما شأنه ، قال : فأتوه فسألوه فقال : لا والله ، إلا أن في قرية إبراهيم ابن عمي يزعم أنه نبي ، فآذاه قومه [ وتخوفت أن يقتلوه ] فخرجت لئلا أشهد ذلك ، فذهبوا إلى صاحبهم فأخبروه قولي ، قال : هلموا ، فأتيته فقصصت عليه قصصي ، قال : تخاف أن يقتلوه ؟ قلت : نعم ، قال : وتعرف شبهه لو تراه مصورا ؟ قلت : عهدي به منذ قريب ، فأراه صورا مغطاة يكشف صورة صورة ، ثم يقول : أتعرف ؟ فأقول : لا ، حتى كشف صورة مغطاة ، فقلت : ما رأيت شيئا أشبه بشيء من هذه الصورة به كأنه طوله وجسمه وبعد ما بين منكبيه ، قال : فتخاف أن يقتلوه ؟ قلت : أظنهم قد فرغوا منه ، قال : والله لا يقتلوه وليقتلن من يريد قتله ، وإنه لنبي وليظهرنه الله ، ولكن قد وجب حقك علينا ، فامكث ما بدا لك وادع بما شئت ، قال : فمكثت [ حينا ] عندهم ، ثم قلت : لو أطعهم ، فقدمت مكة فوجدتهم قد أخرجوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة ، فلما قدمت قامت آل قريش فقالوا : قد تبين لنا أمرك فعرفنا شأنك ، فهلم أموال الصبية التي عندك التي استودعكها أبوك ، فقلت : ما كنت لأفعل هذا حتى تفرقوا بين رأسي وجسدي ، ولكن دعوني أذهب فأدفعها إليهم . فقالوا : إن عليك عهد الله وميثاقه أن لا تأكل من طعامه ، قال : فقدمت المدينة وقد بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخبر ، فدخلت عليه فقال لي فيما يقول : " إني لأراك جائعا ، هلموا طعاما " ، قلت : إني لا آكل حتى أخبرك ، فإن رأيت أن آكل أكلت . قال : فحدثته بما أخذوا علي ، قال : " فأوف بعهد الله وميثاقه أن لا تأكل من طعامنا ولا تشرب من شرابنا " .

                                                                                            رواه الطبراني ، عن شيخه مقدام بن داود ، ضعفه النسائي ، وقال ابن دقيق العيد في الإمام : إنه وثق وهو حديث حسن .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية