الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            18504 وعن أبي نضرة قال : سمعت ابن عباس يخطب على منبر البصرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إنه لم يكن نبي إلا وله دعوة قد تنجزها في الدنيا ، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة ، وأنا سيد ولد آدم ولا فخر ، وأول من تنشق عنه الأرض ولا فخر ، بيدي لواء الحمد ، آدم ومن دونه تحت لوائي ولا فخر ، ويطول يوم القيامة على الناس ، ويشتد حتى يقول بعضهم لبعض : انطلقوا بنا إلى آدم أبي البشر يشفع لنا إلى ربنا فيقضي بيننا ، فينطلقون إلى آدم فيقولون : يا آدم ، اشفع لنا إلى ربك فليقض بيننا ، فيقول آدم : لست هناك ، أخرجت من الجنة بخطيئتي ، وإنه لا يهمني اليوم إلا نفسي ، ولكن ائتوا نوحا . فيأتون نوحا فيقولون : يا نوح ، اشفع لنا إلى ربك فيقضي بيننا ، فيقول : لست هناكم ، إني دعوت دعوة أغرقت أهل الأرض ، وإنه لا يهمني اليوم إلا نفسي ، ولكن ائتوا إبراهيم خليل الرحمن . فيأتون إبراهيم - عليه السلام - فيقولون : يا إبراهيم ، اشفع لنا إلى ربك فليقض بيننا ، فيقول : لست هناكم ، إني كذبت في الإسلام ثلاث كذبات " - قوله : إني سقيم ، وقوله : بل فعله كبيرهم هذا ، " والله ما أراد بهن إلا عزة لدين الله " . - " وإنه لا يهمني اليوم إلا نفسي ، ولكن ائتوا موسى عبدا اصطفاه الله برسالته وكلمه . فيأتون موسى فيقولون : يا موسى ، اشفع لنا إلى ربك فليقض بيننا ، فيقول : إني لست هناكم ، إني قتلت نفسا ، وإنه لا يهمني اليوم إلا نفسي ، ولكن ائتوا عيسى روح الله وكلمته . فيأتون عيسى فيقولون : يا عيسى ، اشفع لنا إلى ربك فليقض بيننا ، فيقول : إني لست هناكم ، إني اتخذت إلها من دون الله ، وإنه لا يهمني اليوم إلا نفسي ، أرأيتم لو كان متاع في وعاء مختوم ، أكان يقدر على ما فيه حتى يفض الخاتم ؟ فيقولون : لا . فيقول : إن محمدا - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين وقد حضر ، وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر . فيأتوني فيقولون : يا محمد ، اشفع لنا إلى ربك فليقض بيننا ، فأقول : أنا لها حتى يأذن الله لمن يشاء ويرضى ، فإذا أراد الله أن يقضي بين خلقه نادى مناد : أين أحمد وأمته ؟ أين أحمد وأمته ؟ فيجيئون ، فنحن [ ص: 373 ] الأولون والآخرون ، آخر من يبعث ، وآخر من يحاسب ، فتفرج لنا الأمم عن طريقنا ، فنمضي غرا محجلين من آثار الطهور ، فتقول الأمم : كادت هذه الأمة أن تكون أنبياء كلها " . رواه أبو يعلى ، وأحمد ، وفيه علي بن زيد ، وقد وثق على ضعفه ، وبقية رجالهما رجال الصحيح . وزاد أحمد : " فآتي باب الجنة ، فآخذ بحلقة الباب فأقرع [ الباب ] ، فيقال : من [ أنت ] ؟ فأقول : [ أنا ] محمد [ فيفتح لي ] ، فآتي ربي - عز وجل - على كرسيه أو سريره - شك حماد - فأخر له ساجدا فأحمده بمحامد لم يحمده بها أحد قبلي ، ولم يحمده بها أحد بعدي ، فيقال : يا محمد ، ارفع رأسك وسل تعطه ، واشفع تشفع ، [ فأرفع رأسي ] فأقول : أي رب ، أمتي ! أمتي ! فيقول : أخرج من كان في قلبه كذا وكذا - لم يحفظ حماد - ثم أعود فأسجد ، فأقول ما قلت ، فيقال : ارفع رأسك ، وقل تسمع [ وسل تعطه ] ، واشفع تشفع ، فأقول : أي رب ، أمتي ! أمتي ! فيقال : أخرج من كان في قلبه كذا وكذا دون الأول ، ثم أعود فأسجد فأقول مثل ذلك فيقال : ارفع رأسك ، وقل تسمع ، وسل تعطه ، واشفع تشفع ، فأقول : أي رب ، أمتي ! أمتي ! فيقال : أخرج من كان في قلبه كذا وكذا دون ذلك .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية