الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            [ ص: 73 ] 1 - 22 - 3 - ( باب منه في الإسراء ) .

                                                                                            236 عن شداد بن أوس قال : قلنا : يا رسول الله ، كيف أسري بك ليلة أسري بك ؟ قال : " صليت بأصحابي صلاة العتمة بمكة معتما ، فأتاني جبريل بدابة بيضاء فوق الحمار ودون البغل ، فاستصعب علي ، فأدارها بأذنها حتى حملني عليها ، فانطلقت تهوي بنا ، تضع حافرها حيث أدرك طرفها ، حتى انتهينا إلى أرض ذات نخل . قال : انزل ، فنزلت ، ثم قال : صل ، فصليت ، ثم ركبنا . قال لي : أتدري أين صليت ؟ قلت : الله أعلم . قال : صليت بيثرب ، صليت بطيبة . ثم انطلقت تهوي ، تضع حافرها حيث أدرك طرفها ، حتى بلغنا أرضا بيضاء . قال لي : انزل ، فنزلت ، ثم قال : صل فصليت ، ثم ركبنا . قال : أتدري أين صليت ؟ قلت : الله أعلم ورسوله . قال : صليت بمدين صليت عند شجرة موسى . ثم انطلقت تهوي بنا تضع حافرها - أو يقع حافرها - حيث أدرك طرفها ، ثم ارتفعنا . قال : انزل ، فنزلت ، فقال : صل فصليت ثم ركبنا فقال : أتدري أين صليت ؟ قلت : الله أعلم ! قال : صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى المسيح ابن مريم . ثم انطلق بي حتى دخلنا المدينة من بابها الثامن ، فأتى قبلة المسجد فربط دابته ، ودخلنا المسجد من باب فيه تمثل الشمس والقمر ، فصليت من المسجد حيث شاء الله - قال ابن زبريق - ثم أتيت بإناءين ، في أحدهما لبن وفي الآخر عسل ، أرسل إلي بهما جميعا ، فعدلت بينهما ، ثم هداني الله فأخذت اللبن ، فشربت حتى قدعت به جبيني ، وبين يدي شيخ متكئ ، فقال : أخذ صاحبك الفطرة ، أو قال : بالفطرة . ثم انطلق بي حتى أتيت الوادي الذي بالمدينة فإذا جهنم تنكشف عن مثل الزرابي " . قلنا : يا رسول الله ، كيف وجدتها ؟ قال : " مثل - وذكر شيئا ذهب عني - . ثم مررت بعير لقريش بمكان كذا وكذا قد أضلوا بعيرا لهم ، فسلمت عليهم ، فقال بعضهم لبعض : هذا صوت محمد - صلى الله عليه وسلم - ثم أتيت أصحابي قبل الصبح بمكة ، فأتاني أبو بكر ، فقال : يا رسول الله ، أين كنت الليلة ، فقد التمستك في مكانك فلم أجدك ؟ قال : إني أتيت بيت المقدس الليلة ، فقال : يا رسول الله ، إنه مسيرة شهر ، فصفه لي ، ففتح لي شراك كأني أنظر إليه ، لا يسألونني عن شيء إلا أنبأتهم عنه " . فقال أبو بكر : [ ص: 74 ] أشهد أنك رسول الله ، فقال المشركون : انظروا إلى ابن أبي كبشة يزعم أنه أتى بيت المقدس الليلة ! قال : " نعم ، وقد مررت بعير لكم في مكان كذا ، قد أضلوا بعيرا لهم بمكان كذا وكذا ، وأنا مسيرهم لكم : ينزلون بكذا ، ثم يأتونكم يوم كذا وكذا ، يقدمهم جمل آدم عليه مسح أسود وغرازتان سوداوتان " ، فلما كان ذلك اليوم أشرف الناس ينظرون ، حتى كان قريبا من نصف النهار أقبلت العير يقدمهم ذلك الجمل كالذي وصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                            رواه البزار والطبراني في الكبير ، إلا أن الطبراني قال فيه : " قد أخذ صاحبك الفطرة ، وإنه لمهدي . وقال في وصف جهنم كيف وجدتها ؟ قال : مثل الحمة السخنة " . وفيه إسحاق بن إبراهيم بن العلاء ، وثقه يحيى بن معين ، وضعفه النسائي .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية