الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 213 ] الثالث : إذا قيل في الحديث عند ذكر الصحابي . يرفعه أو ينميه أو يبلغ به أو رواية كحديث الأعرج عن أبي هريرة رواية " تقاتلون قوما صغار الأعين " ، فكل هذا وشبهه مرفوع عند أهل العلم . وإذا قيل عند التابعي ، يرفعه ، فمرفوع مرسل

        وأما قول من قال : تفسير الصحابي مرفوع فذاك في تفسير يتعلق بسبب نزول آية أو نحوه ، وغيره موقوف .

        التالي السابق


        ( الثالث : إذا قيل في الحديث عند ذكر الصحابي : يرفعه ) ، أو رفع الحديث ، ( أو ينميه أو يبلغ به ) ، كقول ابن عباس : " الشفاء في ثلاثة : شربة عسل وشرطة [ ص: 214 ] محجم وكية نار " . رفع الحديث ، رواه البخاري .

        وروى مالك في الموطأ ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد ، قال : كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة .

        قال أبو حازم : لا أعلم إلا أنه ينمي ذلك .

        وكحديث الأعرج ، عن أبي هريرة يبلغ به : " الناس تبع قريش " . أخرجاه .

        ( أو رواية كحديث الأعرج ، عن أبي هريرة رواية : " تقاتلون قوما صغار الأعين " ) ( ق 64 \ أ ) أخرجه الشيخان .

        ( فكل هذا ، وشبهه ) قال شيخ الإسلام : كيرويه ، ورواه بلفظ الماضي ، ( مرفوع عند أهل العلم .

        وإذا قيل عند التابعي : يرفعه ) ، أو سائر الألفاظ المذكورة ، ( فمرفوع مرسل ) .

        قال شيخ الإسلام : ولم يذكروا ما حكم ذلك ، لو قيل : عن النبي - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 215 ] قال : وقد ظفرت لذلك بمثال في مسند البزار ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يرويه ، أي عن ربه - عز وجل - فهو حينئذ من الأحاديث القدسية .

        تكملة

        ومن ذلك الاقتصاد على القول مع حذف القائل : كقول ابن سيرين ، عن أبي هريرة ، قال : قال أسلم وغفار وشيء من مزينة ، الحديث .

        قال الخطيب : إلا أن ذلك اصطلاح خاص بأهل البصرة .

        لكن روي عن ابن سيرين أنه قال : كل شيء حدثت عن أبي هريرة فهو مرفوع .

        فائدة

        أخرج القاضي أبو بكر المروزي في كتاب " العلم " ، قال : حدثنا القواريري ، ثنا بشر بن منصور ، ثنا ابن أبي رواد ، قال : بلغني أن عمر بن عبد العزيز كان يكره أن يقول في الحديث رواية ، يقول : إنما الرواية الشعر .

        وبه إلى ابن أبي رواد ، قال : كان نافع ينهاني أن أقول رواية ، قال : فربما نسيت ، فقلت : رواية فينظر إلي فأقول نسيت .

        وأما قول من قال : تفسير الصحابي مرفوع ) ، وهو الحاكم ، قال في " المستدرك " : ليعلم طالب الحديث أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين حديث مسند . [ ص: 216 ] ( فذلك في تفسير يتعلق بسبب نزول آية ) ، كقول جابر : " كانت اليهود تقول : من أتى امرأته من دبرها في قبلها ، جاء الولد أحول ، فأنزل الله تعالى : نساؤكم حرث لكم . الآية " . رواه مسلم .

        ( أو نحوه ) مما لا يمكن أن يؤخذ إلا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا مدخل للرأي فيه ، ( وغيره موقوف ) .

        قلت : وكذا يقال في التابعي ، إلا أن المرفوع ( ق 64 \ ب ) من جهته مرسل .



        فوائد

        الأولى : ما خصص به المصنف ، كابن الصلاح ، ومن تبعهما قول الحاكم ، قد صرح به الحاكم في علوم الحديث ، فإنه قال : ومن الموقوفات ما حدثناه أحمد بن كامل بسنده ، عن أبي هريرة في قوله تعالى : لواحة للبشر ، قال : تلقاهم جهنم يوم القيامة ، فتلفحهم لفحة ، فلا تترك لحما على عظم .

        قال فهذا وأشباهه يعد في تفسير الصحابة من الموقوفات ، فأما ما نقول : إن تفسير الصحابة مسند ، فإنما نقوله في غير هذا النوع ، ثم أورد حديث جابر في قصة اليهود .

        وقال فهذا وأشباهه مسند ليس بموقوف ، فإن الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل ، فأخبر ، عن آية من القرآن أنها نزلت في كذا ، فإنه حديث مسند . انتهى .

        [ ص: 217 ] فالحاكم أطلق في " المستدرك " ، وخصص في علوم الحديث ، فاعتمد الناس تخصيصه ، وأظن أن ما حمله في " المستدرك " على التعميم ، الحرص على جمع الصحيح ، حتى أورد ما ليس من شرط المرفوع ، وإلا ففيه من الضرب الأول الجم الغفير ، على أني أقول : ليس ما ذكره ، عن أبي هريرة من الموقوف ، لما تقدم من أن ما يتعلق بذكر الآخرة ، وما لا مدخل للرأي فيه من قبيل المرفوع .

        الثانية : ما ذكروه من أن سبب النزول مرفوع ، قال شيخ الإسلام : يعكر على إطلاقه ما إذا استنبط الراوي السبب ، كما في حديث زيد بن ثابت : " أن الوسطى الظهر " ، نقلته من خطه .

        الثالثة : قد اعتنيت بما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في التفسير ، وعن أصحابه ، فجمعت في ذلك كتابا حافلا فيه أكثر من عشرة آلاف حديث .

        الرابعة : قد تقرر أن السنة قول ، وفعل ، وتقرير ، وقسمها شيخ الإسلام إلى صريح وحكم .

        فمثال المرفوع قولا صريحا : قول الصحابي : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحدثنا وسمعت ( ق 65 \ أ ) .

        وحكما : قوله ما لا مدخل للرأي فيه .

        [ ص: 218 ] فالمرفوع من الفعل صريحا قوله : فعل أو رأيته يفعل .

        قال شيخنا الإمام الشمني : ولا يتأتى فعل مرفوع حكما .

        ومثله شيخ الإسلام بما تقدم عن علي في صلاة الكسوف .

        قال شيخنا : ولا يلزم من كونه عنده ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يكون عنده من فعله ، لجواز أن يكون عنده من قوله ، والتقرير صريحا : قول الصحابي : فعلت أو فعل بحضرته - صلى الله عليه وسلم - ، وحكما حديث المغيرة السابق .




        الخدمات العلمية