الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 219 ] النوع التاسع : المرسل : اتفق علماء الطوائف على أن قول التابعي الكبير قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذا وفعله يسمى مرسلا ، فإن انقطع قبل التابعي واحد أو أكثر قال الحاكم وغيره من المحدثين : لا يسمى مرسلا بل يختص المرسل بالتابعي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن سقط قبله واحد فهو منقطع ، وإن كان أكثر فمعضل ومنقطع ، والمشهور في الفقه والأصول ، أن الكل مرسل وبه قطع الخطيب . وهذا اختلاف في الاصطلاح والعبارة ، وأما قول الزهري وغيره من صغار التابعين : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فالمشهور عند من خصه بالتابعي أنه مرسل كالكبير . وقيل : ليس بمرسل بل منقطع

        وإذا قال : فلان ، عن رجل ، عن فلان . فقال الحاكم : منقطع ليس مرسلا ، وقال غيره مرسل .

        التالي السابق


        ( النوع التاسع : المرسل اتفق علماء الطوائف على أن قول التابعي الكبير ) ، كعبيد الله بن عدي بن الخيار ، وقيس بن أبي حازم ، وسعيد بن

        المسيب
        : ( قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذا ، أو فعله ، يسمى مرسلا .

        فإن انقطع قبل التابعي ) هكذا عبر ابن الصلاح تبعا للحاكم ، والصواب : قبل الصحابي ، ( واحد أو أكثر ، قال الحاكم وغيره ( ق 65 \ ب ) من المحدثين : لا يسمى مرسلا ، بل يختص المرسل بالتابعي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .

        فإن سقط قبله ) ، تقدم ما فيه ( واحد ، فهو منقطع .

        وإن كان الساقط أكثر ) من واحد على التوالي ، ( فمعضل ، ومنقطع ) أيضا .

        ( والمشهور في الفقه والأصول أن الكل مرسل ، وبه قطع الخطيب ) وقال : [ ص: 220 ] إلا أن أكثر ما يوصف بالإرسال من حيث الاستعمال ، ما رواه التابعي ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال المصنف : ( وهذا اختلاف في الاصطلاح ، والعبارة ) ، لا في المعنى ; لأن الكل لا يحتج به عند هؤلاء ولا هؤلاء ، والمحدثون خصوا اسم المرسل بالأول ، دون غيره ، والفقهاء والأصوليون عمموا .

        ( وأما قول الزهري وغيره من صغار التابعين : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فالمشهور عند من خصه بالتابعي يعني أنه مرسل كالكبير .

        وقيل : ليس بمرسل بل منقطع ) ; لأن أكثر رواياتهم عن التابعين .

        تنبيه

        يرد على تخصيص المرسل بالتابعي من سمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو كافر ، ثم أسلم بعد موته ، فهو تابعي اتفاقا ، وحديثه ليس بمرسل ، بل موصول ، لا خلاف في الاحتجاج به ، كالتنوخي رسول هرقل ، وفي رواية قيصر ، فقد أخرج حديثه الإمام أحمد وأبو يعلى ، في مسنديهما ، وساقاه مساق الأحاديث المسندة .

        ومن رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - غير مميز ، كمحمد بن أبي بكر الصديق ، فإنه صحابي ، وحكم روايته حكم المرسل لا الموصول ، ولا يجيء فيه ما قيل في مراسيل الصحابة ; لأن أكثر رواية هذا أو شبهه عن التابعين بخلاف الصحابي الذي أدرك وسمع ، فإن احتمال روايته عن التابعين بعيد جدا .

        [ ص: 221 ] فائدة

        قال العراقي : قال ابن القطان إن الإرسال رواية الرجل عمن لم يسمع منه قال : فعلى هذا هو قول رابع في حد المرسل .

        ( وإذا قال ) الراوي في الإسناد : ( فلان ، عن رجل ) ، أو شيخ ( عن فلان فقال الحاكم ) : هو ( منقطع ليس مرسلا ، وقال غيره ) حكاه ابن الصلاح ، عن بعض كتب الأصول ( مرسل ) .

        قال العراقي : وكل من القولين خلاف ما عليه الأكثرون ، فإنهم ذهبوا إلى أنه متصل في سنده مجهول ، حكاه الرشيد العطار ، واختاره العلائي .

        قال : وما حكاه ابن الصلاح ، عن بعض كتب الأصول ، أراد به " البرهان " لإمام الحرمين ، فإنه ذكر ذلك فيه ، وزاد كتب النبي - صلى الله عليه وسلم - التي لم يسم حاملها ، وزاد في " المحصول " من سمي باسم لا يعرف به .

        [ ص: 222 ] قال : وعلى ذلك مشى أبو داود في كتاب " المراسيل " ، فإنه يروي فيه ما أبهم فيه الرجل .

        قال : بل زاد البيهقي على هذا في " سننه " ، فجعل ما رواه التابعي ، عن رجل من الصحابة لم يسم مرسلا ، وليس بجيد ، اللهم إلا إن كان يسميه مرسلا ، ويجعله حجة كمراسيل الصحابة ، فهو قريب .

        وقد روى البخاري ، عن الحميدي ، قال : إذا صح الإسناد ، عن الثقات ، إلى رجل من الصحابة ، فهو حجة كمراسيل الصحابة ، وإن لم يسم ذلك الرجل .

        وقال الأثرم : قلت لأحمد بن حنبل : إذا قال رجل من التابعين : حدثني رجل من الصحابة ، ولم يسمعه ، فالحديث صحيح ؟ قال : نعم .

        قال : وفرق الصيرفي من الشافعية بين أن يرويه التابعي ، عن الصحابي معنعنا ، أو مصرحا بالسماع .

        قال : وهو حسن متجه ، وكلام من أطلق قبوله محمول على هذا التفصيل . انتهى .




        الخدمات العلمية