الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 121 ] وللكتب المخرجة عليهما فائدتان : علو الإسناد ، وزيادة الصحيح ، فإن تلك الزيادات صحيحة لكونها بإسنادهما .

        التالي السابق


        ( وللكتب المخرجة عليهما فائدتان ) :

        إحداهما : ( علو الإسناد ) لأن مصنف المستخرج لو روى حديثا مثلا من طريق البخاري لوقع أنزل من الطريق الذي رواه به في المستخرج ، مثاله : أن أبا نعيم لو روى حديثا عن عبد الرزاق من طريق البخاري أو مسلم لم يصل إليه إلا بأربعة ، وإذا رواه عن الطبراني عن الدبري - بفتح الموحدة - عنه وصل باثنين ، وكذا لو روى حديثا في مسند الطيالسي من طريق مسلم كان بينه وبينه أربعة ، شيخان بينه وبين مسلم ، ومسلم وشيخه ، وإذا رواه عن ابن فارس عن يونس بن حبيب عنه وصل باثنين .

        ( و ) الأخرى ( زيادة الصحيح فإن تلك الزيادات صحيحة لكونها بإسنادهما ) .

        قال شيخ الإسلام : هذا مسلم في الرجل الذي التقى فيه إسناد المستخرج وإسناد مصنف الأصل ، وفيمن بعده ، وأما من بين المستخرج وبين ذلك الرجل فيحتاج إلى نقد ؛ لأن المستخرج لم يلتزم الصحة في ذلك ، وإنما جل قصده العلو ، فإن حصل وقع على غرضه ، فإن كان مع ذلك صحيحا أو فيه زيادة حسن حصلت اتفاقا ، وإلا فليس ذلك همته .

        قال : قد وقع ابن الصلاح هنا فيما فر منه في عدم التصحيح في هذا الزمان ، [ ص: 122 ] لأنه أطلق تصحيح هذه الزيادات ثم عللها بتعليل أخص من دعواه ، وهو كونها بذلك الإسناد ، وذلك إنما هو من ملتقى الإسناد إلى منتهاه .

        [ تنبيه ]

        لم يذكر المصنف تبعا لابن الصلاح للمستخرج سوى هاتين الفائدتين ، وبقي له فوائد أخر : منها القوة بكثرة الطرق للترجيح عند المعارضة ، ذكره ابن الصلاح في مقدمة شرح مسلم ، وذلك بأن يضم المستخرج شخصا آخر فأكثر مع الذي حدث مصنف الصحيح عنه ، وربما ساق له طرقا أخرى إلى الصحابي بعد فراغه من استخراجه ، كما يصنع أبو عوانة .

        ومنها : أن يكون مصنف الصحيح روى عمن اختلط ولم يبين هل سماع ذلك الحديث في هذه الرواية قبل الاختلاط أو بعده ؟ فيبينه المستخرج ، إما تصريحا أو بأن يرويه عنه من طريق من لم يسمع منه إلا قبل الاختلاط .

        ومنها : أن يروى في الصحيح عن مدلس بالعنعنة ، فيرويه المستخرج بالتصريح بالسماع .

        فهاتان فائدتان جليلتان ، وإن كنا لا نتوقف في صحة ما روي في الصحيح من ذلك غير مبين ، ونقول : لو لم يطلع مصنفه على أنه روي عنه قبل الاختلاط ، وأن المدلس سمع لم يخرجه .

        [ ص: 123 ] فقد سأل السبكي المزي : هل وجد لكل ما روياه بالعنعنة طرق مصرح فيها بالتحديث ؟ فقال : كثير من ذلك لم يوجد وما يسعنا إلا تحسين الظن .

        ومنها : أن يروي عن مبهم : كحدثنا فلان أو رجل ، أو فلان وغيره ، أو غير واحد ، فيعينه المستخرج .

        ومنها : أن يروي عن مهمل ، كمحمد من غير ذكر ما يميزه عن غيره من المحمدين ، ويكون في مشايخ من رواه كذلك من يشاركه في الاسم ، فيميزه المستخرج .

        قال شيخ الإسلام : وكل علة أعل بها حديث في أحد الصحيحين جاءت رواية المستخرج سالمة منها ، فهي من فوائده ، وذلك كثير جدا .

        [ فائدة ]

        لا يختص المستخرج بالصحيحين ، فقد استخرج محمد بن عبد الملك بن أيمن على سنن أبي داود ، وأبو علي الطوسي على الترمذي ، وأبو نعيم على التوحيد لابن خزيمة ، وأملى الحافظ أبو الفضل العراقي على المستدرك مستخرجا لم يكمل .




        الخدمات العلمية