الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        ( فإن قطع حشيش الحرم أو شجرة ليست بمملوكة وهو مما لا ينبته الناس فعليه قيمته إلا فيما جف منه ) ; لأن حرمتهما ثبتت بسبب الحرم . قال عليه الصلاة والسلام { لا يختلى خلاها ولا يعضد شوكها }ولا يكون للصوم في هذه القيمة مدخل ; لأن حرمة تناولها بسبب الحرم لا بسبب الإحرام ، فكان من ضمان المحال على ما بينا ويتصدق بقيمته على الفقراء ; وإذا أداها ملكه كما في حقوق العباد . ويكره بيعه بعد القطع ; لأنه ملكه بسبب محظور شرعا ، فلو أطلق له في بيعه لتطرق الناس إلى مثله إلا أنه يجوز البيع مع الكراهة بخلاف الصيد والفرق ما نذكره ، والذي ينبته الناس عادة عرفناه غير مستحق للأمن بالإجماع ، ولأن المحرم المنسوب إلى الحرم والنسبة إليه على الكمال عند عدم النسبة إلى غيره بالإنبات ، وما لا ينبت عادة إذا أنبته إنسان التحق بما ينبت عادة ، ولو نبت بنفسه في ملك رجل فعلى قاطعه قيمتان قيمة لحرمة الحرم حقا للشرع وقيمة أخرى ضمانا لمالكه كالصيد المملوك في الحرم وما جف من شجر الحرم لا ضمان فيه ; لأنه ليس بنام .

                                                                                                        ( ولا يرعى حشيش الحرم ولا يقطع إلا الإذخر ) وقال أبو يوسف رحمه الله : لا بأس بالرعي ; لأن فيه ضرورة فإن منع الدواب عنه متعذر ، ولنا ما روينا ، والقطع بالمسافر كالقطع بالمناجل وحمل الحشيش من الحل ممكن فلا ضرورة بخلاف الإذخر ; لأنه استثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيجوز قطعه ورعيه وبخلاف الكمأة ; لأنها ليست من جملة النبات ( وكل شيء فعله القارن مما [ ص: 272 ] ذكرنا أن فيه على المفرد دما فعليه دمان دم لحجته ودم لعمرته ) وقال الشافعي رحمه الله : دم واحد بناء على أنه محرم بإحرام واحد عنده وعندنا بإحرامين ، وقد مر من قبل . قال : ( إلا أن يتجاوز الميقات غير محرم بالعمرة أو الحج فيلزمه دم واحد ) خلافا لزفر رحمه الله لما أن المستحق عليه عند الميقات إحرام واحد وبتأخير واجب واحد لا يجب إلا جزاء واحد .

                                                                                                        [ ص: 271 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 271 ] الحديث السادس عشر : حديث { لا يختلى خلاها ، ولا يعضد شوكها } ( مكة ) .

                                                                                                        الحديث السابع عشر : { استثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم الإذخر } ، تقدم قريبا ، وذكر المصنف بعد هذا الباب بابين ، ليس فيهما شيء : " باب مجاوزة الوقت بغير إحرام " و " باب إضافة الإحرام إلى الإحرام " وبعدهما " باب الإحصار " ، يذكره .




                                                                                                        الخدمات العلمية