الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 386 ] ( فصل وإذا تزوج النصراني نصرانية على ميتة أو على غير مهر وذلك في دينهم جائز ودخل بها أو طلقها قبل الدخول بها أو مات عنها فليس لها مهر ، وكذلك الحربيان في دار الحرب ) وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وهو قولهما في الحربيين ، وأما في الذمية فلها مهر مثلها إن مات عنها أو دخل بها والمتعة إن طلقها قبل الدخول بها . وقال زفر رحمه الله : لها مهر المثل في الحربيين أيضا . له أن الشرع ما شرع ابتغاء النكاح إلا بالمال ، وهذا الشرع وقع عاما فيثبت الحكم على العموم ولهما أن أهل الحرب غير ملتزمين أحكام الإسلام ، وولاية الإلزام منقطعة لتباين الدار بخلاف أهل الذمة ; لأنهم التزموا أحكامنا فيما يرجع إلى المعاملات كالربا والزنا ، وولاية الإلزام متحققة لاتحاد الدار . ولأبي حنيفة رحمه الله أن أهل الذمة لا يلتزمون أحكامنا في الديانات وفيما يعتقدون خلافه في المعاملات وولاية الإلزام بالسيف وبالمحاجة ، وكل ذلك منقطع عنهم باعتبار عقد الذمة فإنا أمرنا بأن نتركهم وما يدينون فصاروا كأهل الحرب بخلاف الزنا ; لأنه حرام في الأديان كلها والربا مستثنى عن عقودهم لقوله عليه الصلاة والسلام " { إلا من أربى فليس بيننا وبينه عهد }" وقوله في الكتاب أو على غير مهر يحتمل نفي المهر ويحتمل السكوت ، وقد قيل في الميتة والسكوت روايتان ، [ ص: 387 ] والأصح أن الكل على الخلاف .

                                                                                                        [ ص: 380 - 386 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 380 - 386 ] فصل

                                                                                                        الحديث الثالث : قال عليه السلام : { إلا من أربى ، فليس بيننا وبينه عهد }; قلت : غريب ، وروى ابن أبي شيبة في " مصنفه في باب ذكر أهل نجران " حدثنا عفان ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا مجالد بن سعيد عن الشعبي ، قال : { كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل نجران وهم نصارى أن من بايع منكم بالربا فلا ذمة له }انتهى .

                                                                                                        وهو مرسل ; ورواه أبو عبيد في " كتاب الأموال " حدثني أبو أيوب الدمشقي ثنا سعدان بن أبي يحيى عن عبيد الله بن أبي حميد عن أبي المليح الهذلي ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صالح أهل نجران ، فكتب لهم كتابا : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما كتب محمد النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل نجران إذ كان له حكمه عليهم أن في كل سوداء ، وصفراء ، وبيضاء ، وحمراء ، وثمرة ، ورقيق ألفي حلة ، في كل صفر ألف حلة ، وفي كل رجب ألف حلة ، [ ص: 387 ] على أن لا يحشروا ، ولا يعشروا ، ولا يأكلوا الربا ، فمن أكل منهم الربا فذمتي منه بريئة }" ، مختصر ; قال أبو عبيد : وإنما غلظ عليهم أكل الربا دون غيره من المعاصي ، مع أنهم يمكنون مما هو أعظم منه ، كالشرك ، وشرب الخمر ، وأكل الخنزير ، وغير ذلك ; لأن في منعهم منه كف المسلمين عن أكل الربا ، ولولا المسلمون لكانوا في الربا كسائر ما هم فيه [ ص: 388 ] من المعاصي ، والله أعلم انتهى كلامه .




                                                                                                        الخدمات العلمية