الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 71 - 76 ] قال : ( وتخليل اللحية ) لأن النبي عليه الصلاة والسلام أمره جبريل عليه السلام بذلك وقيل : هو سنة عند أبي يوسف رحمه الله ، جائز عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى لأن السنة إكمال الفرض في محله ، والداخل ليس بمحل الفرض .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث التاسع : روي في تخليل اللحية : أنه عليه السلام أمره جبرائيل بذلك ، قلت : رواه ابن أبي شيبة في مصنفه في " باب الأحاديث المخالفة لمذهب أبي حنيفة " . فقال : حدثنا وكيع ثنا الهيثم بن جماذ عن يزيد بن أبان عن أنس { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أتاني جبرائيل فقال : إذا توضأت فخلل لحيتك }انتهى .

                                                                                                        ورواه ابن عدي في الكامل ، ولفظه : قال : { جاءني جبرائيل فقال لي : يا محمد خلل لحيتك بالماء عند الطهور }" انتهى .

                                                                                                        وأعله بالهيثم بن جماذ ، وأسند تضعيفه عن أحمد بن حنبل وابن معين . [ ص: 77 ] والسعدي . ووافقهم ، وقد تقدم ذكره في حديث أبي كاهل من أحاديث المضمضة والاستنشاق ، ويقرب منه ما أخرجه أبو داود في سننه عن الوليد بن زروان عن أنس بن مالك { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ أخذ كفا من ماء فأدخله تحت حنكه فخلل به لحيته ، وقال : وهكذا أمرني ربي }" انتهى .

                                                                                                        وسكت عنه ، ثم المنذري بعده ، قال في الإمام : والوليد بن زروان روى عنه جماعة ، وقول ابن القطان : إنه مجهول هو على طريقته في طلب زيادة التعديل مع رواية جماعة عن الراوي ، انتهى كلامه . الأحاديث الواردة في تخليل اللحية روى تخليل اللحية عن النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة عثمان بن عفان . وأنس بن مالك . وعمار بن ياسر وابن عباس ، وعائشة وأبو أيوب وابن عمر وأبو أمامة وعبد الله بن أبي أوفى وأبو الدرداء وكعب بن عمرو وأبو بكرة وجابر بن عبد الله وأم سلمة ، وكلها مدخولة ، وأمثلها حديث عثمان ، رواه الترمذي . وابن ماجه من حديث عامر بن شقيق الأسدي عن أبي وائل عن عثمان { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخلل لحيته }وقال الترمذي { إنه عليه السلام توضأ وخلل لحيته }وقال : حديث حسن صحيح ، قال محمد بن إسماعيل " يعني البخاري " : أصح شيء في هذا الباب حديث عامر بن شقيق عن أبي وائل عن عثمان انتهى .

                                                                                                        ورواه ابن حبان في صحيحه ، والحاكم في المستدرك وقال : صحيح الإسناد . وقد احتجا " يعني البخاري ، ومسلما " بجميع رواته غير عامر بن شقيق قال : ولا أعلم في عامر طعنا بوجه من الوجوه ، وله شاهد صحيح عن عمار بن ياسر ، وأنس ، وعائشة ، ثم أخرج أحاديثهم الثلاثة { أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ، وخلل لحيته } ، وزاد في حديث أنس ، وقال : { بهذا أمرني ربي } ، وتعقبه شيخنا العلامة " شمس الدين الذهبي " في مختصره ، وقال : إن عامر بن شقيق ضعفه ابن معين انتهى .

                                                                                                        وكذلك قال الشيخ تقي الدين ، قال ابن معين : عامر بن شقيق ضعيف [ ص: 78 ] الحديث .

                                                                                                        وقال أبو حاتم : ليس بالقوي ، قال : وقد أخرج الشيخان حديث عثمان في الوضوء من عدة طرق ، وليس في شيء منها ذكر التخليل ، والله أعلم انتهى .

                                                                                                        وقال الترمذي في علله الكبير : قال محمد بن إسماعيل " يعني البخاري " : أصح شيء عندي في التخليل حديث عثمان ، وهو حديث حسن انتهى .

                                                                                                        وأما حديث عمار بن ياسر ، فرواه الترمذي . وابن ماجه حدثنا محمد بن أبي عمر العدني ثنا سفيان عن عبد الكريم بن أبي المخارق عن حسان بن بلال عن { عمار بن ياسر ، قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخلل لحيته }انتهى .

                                                                                                        قال الترمذي : سمعت إسحاق بن منصور يقول : سمعت أحمد بن حنبل يقول قال ابن عيينة : لم يسمع عبد الكريم من حسان بن بلال حديث التخليل انتهى .

                                                                                                        ثم أخرجه الترمذي وابن ماجه حدثنا ابن أبي عمر عن سفيان عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن حسان بن بلال عن عمار بن ياسر ، فذكره وينظر سند الحاكم ، والطبراني .

                                                                                                        وأما حديث أنس ، فرواه ابن ماجه في " سننه " من حديث يزيد الرقاشي عن أنس قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ خلل لحيته }. ورواه البزار في مسنده حدثنا روح بن حاتم ثنا معلى بن أسد ثنا أيوب بن عبد الله عن الحسن عن أنس ، ولفظه : { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ يخلل لحيته }.

                                                                                                        قال : وأيوب بن عبد الله بصري لا نعلم حدث عنه إلا معلى بن أسد ، ورواه الحاكم .

                                                                                                        وأما حديث أبي أيوب ، فرواه ابن ماجه أيضا من حديث واصل بن السائب الرقاشي عن أبي سورة عن أبي أيوب ، قال { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فخلل لحيته }. انتهى . وواصل بن السائب ، قال فيه البخاري ، وأبو حاتم : منكر الحديث ، وقال النسائي : متروك الحديث .

                                                                                                        وأما حديث ابن عمر ، فرواه ابن ماجه أيضا حدثنا هشام بن عمار ثنا عبد الحميد بن حبيب ثنا الأوزاعي ثنا عبد الواحد بن قيس حدثني نافع عن ابن عمر ، قال : { كان [ ص: 79 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ عرك عارضيه بعض العرك . ثم شبك لحيته بأصابعه من تحتها } ، انتهى .

                                                                                                        وأما حديث ابن عباس ، فرواه الطبراني في " معجمه الوسط " حدثنا أحمد بن إسماعيل الوساوسي البصري ثنا شيبان بن فروخ ثنا نافع أبو هرمز عن عطاء عن { ابن عباس . قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ فغسل يديه ومضمض واستنشق ثلاثا ثلاثا وغسل وجهه ثلاثا وخلل لحيته وغسل ذراعيه ثلاثا ثلاثا ، ومسح برأسه وأذنيه مرتين مرتين وغسل رجليه حتى أنقاهما ، فقلت : يا رسول الله هكذا الطهور ؟ قال : هكذا أمرني ربي }انتهى .

                                                                                                        وأما حديث أبي أمامة ، فرواه الطبراني في " معجمه " وابن أبي شيبة في " مصنفه " . والطبراني ثنا عنبسة بن غنام ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا زيد بن الحباب ثنا عمر بن سليمان الباهلي عن ابن غالب عن أبي أمامة ، قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ خلل لحيته }.

                                                                                                        وأما حديث عبد الله بن أوفى ، فرواه الطبراني أيضا ثنا علي بن عبد العزيز . ومحمد بن يحيى المروزي . قال : ثنا أبو عبيد القاسم بن سلام ثنا مروان بن معاوية عن أبي الورقاء عن { عبد الله بن أبي أوفى أنه توضأ ثلاثا ثلاثا وخلل لحيته . وقال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل هذا }.

                                                                                                        وأما حديث أبي الدرداء ، فرواه الطبراني أيضا ثنا أبو سفيان ابن أبي نعيم الملوحي ثنا آدم بن أبي إياس " ح " ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا كامل بن طلحة الجحدري ، قالا : ثنا إسماعيل بن عياش عن تمام بن نجيح الدستوائي عن الحسن عن أبي الدرداء ، قال : { توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فخلل لحيته }يقصد وضوءه " وزاد كامل : ومسح رأسه " يقصد ذراعيه " . [ ص: 80 ]

                                                                                                        وأما حديث كعب بن عمرو ، فرواه الطبراني أيضا حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا أحمد بن مصرف بن عمرو اليامي حدثني أبي مصرف بن عمرو بن السري بن مصرف بن كعب بن عمرو عن أبيه عن جده يبلغ به { كعب بن عمرو ، قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مسح باطن لحيته وقفاه }.

                                                                                                        وأما حديث أبي بكرة ، فرواه البزار في " مسنده " من حديث عبد الرحمن بن بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة عن أبيه عن أبيه عن أبيه أبي بكرة { أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ وخلل لحيته }مختصر .

                                                                                                        وأما حديث جابر ، فرواه ابن عدي في الكامل من حديث أصرم بن غياث ثنا مقاتل بن حيان عن الحسن عن { جابر ، قال : وضأت رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة ولا مرتين ولا ثلاث . فرأيته يخلل لحيته بأصابعه كأنها أنياب مشط }انتهى .

                                                                                                        وأسند عن البخاري أنه قال أصرم بن غياث النيسابوري منكر الحديث ، وعن النسائي أنه قال : متروك الحديث ، ثم قال : وهو كما قال .

                                                                                                        وأما حديث عائشة ، فرواه الحاكم في " المستدرك " وأحمد في " مسنده " ثنا أبو بكر محمد بن داود بن سليمان ثنا محمد بن أيوب ثنا هلال بن فياض ثنا عمرو بن أبي وهب عن موسى بن ثروان عن طلحة بن عبيد الله بن كريز عن عائشة ، قالت : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ خلل لحيته }.

                                                                                                        وأما حديث أم سلمة ، فرواه الطبراني في " معجمه " حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ثنا أبو الربيع الزهراني ثنا أبو معاوية عن خالد بن إلياس عن عبد الله بن رافع عن أم سلمة { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ خلل لحيته }انتهى .

                                                                                                        ورواه العقيلي في ضعفائه ، وأعله [ ص: 81 ] بخالد بن إلياس العدوي ، وقال : إنه منكر الحديث ، قال ابن أبي حاتم في " كتاب العلل " سمعت أبي يقول : لا يثبت في تخليل اللحية حديث انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية