الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        ( والحيض ) ( يسقط عن الحائض الصلاة ، ويحرم عليها الصوم ، وتقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ) لقول عائشة رضي الله عنها: كانت إحدانا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طهرت من حيضها تقضي الصيام ولا تقضي الصلاة ، ولأن في قضاء الصلاة حرجا لتضاعفها ، ولا حرج في قضاء الصوم . ( ولا تدخل المسجد ) وكذا الجنب ; لقوله عليه الصلاة والسلام : " { فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب }" وهو بإطلاقه حجة على الشافعي رحمه الله في إباحة الدخول على وجه العبور والمرور . [ ص: 277 ] ( ولا تطوف بالبيت ) ; لأن الطواف في المسجد ( ولا يأتيها زوجها ) { ولا تقربوهن حتى يطهرن }.

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الثاني :

                                                                                                        عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : كانت إحدانا على عهد رسول إذا طهرت من حيضها تقضي الصيام ولا تقضي الصلاة ، قلت : رواه الأئمة الستة في " كتبهم " من حديث معاذة بنت عبد الله العدوية ، قالت : سألت عائشة رضي الله عنها ، ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ؟ فقالت : أحرورية أنت ؟ قلت : لست بحرورية : ولكني أسأل ، قالت : كان يصيبنا ذلك ، فنؤمر بقضاء الصوم ، ولا نؤمر بقضاء الصلاة انتهى .

                                                                                                        وفي بعض ألفاظهم : لقد كنا نحيض عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومنهم من كرره في الصوم . الحديث الثالث : قال النبي : صلى الله عليه وسلم : " { إني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب }" قلت : [ ص: 277 ] روي من حديث عائشة . ومن حديث أم سلمة ، فحديث عائشة أخرجه أبو داود عن أفلت عن جسرة بنت دجاجة عن عائشة ، قالت : { جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوه بيوت أصحابه شارعة في المسجد ، فقال : وجهوا هذه البيوت عن المسجد ، ثم دخل النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصنع القوم شيئا رجاء أن ينزل فيهم رخصة ، فخرج إليهم ، فقال : وجهوا هذه البيوت عن المسجد ، فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب }" انتهى .

                                                                                                        وهو حديث حسن ، قال ابن القطان في " كتابه " : قال أبو محمد عبد الحق في حديث جسرة هذا : إنه لا يثبت من قبل إسناده ، ولم يبين ضعفه ، ولست أقول : إنه حديث صحيح ، وإنما أقول : إنه حسن ، فإنه يرويه عبد الواحد بن زياد ثنا أفلت بن خليفة حدثتني جسرة بنت دجاجة عن عائشة ، وعبد الواحد ثقة لم يذكر بقادح ، وعبد الحق احتج به في غير موضع من " كتابه " ، وأفلت ، ويقال : فليت بن خليفة العامري ، قال ابن حنبل : ما أرى به بأسا ، وقال فيه أبو حاتم : شيخ ، وأما جسرة بنت دجاجة ، فقال فيها الكوفي : تابعية ، وقول البخاري في " تاريخه الكبير " : عندها عجائب . لا يكفي في إسقاط ما روت روى عنها أفلت ، وقدامة بن عبد الله بن عبدة العامري انتهى كلامه .

                                                                                                        وذكر ابن حبان جسرة في " كتاب الثقات " وقال : روى [ عنها ] أفلت أبو حسان ، وقدامة العامري انتهى .

                                                                                                        وقال الخطابي : وقد ضعفوا هذا الحديث . وقالوا : إن أفلت راويه مجهول لا يصح الاحتجاج بحديثه ، قال المنذري في " مختصره " : وفيما قاله نظر ، فإن أفلت بن خليفة ، ويقال : فليت العامري ، ويقال : الذهلي كنيته أبو حسان ، حديثه في الكوفيين ، روى عنه سفيان الثوري ، وعبد الواحد بن زياد . وقال أحمد بن حنبل : ما أرى به بأسا ، وسئل عنه أبو حاتم الرازي ، فقال : شيخ ، وحكى البخاري أنه سمع من جسرة بنت دجاجة ، قال : وعند جسرة عجائب انتهى .

                                                                                                        قال الشيخ تقي الدين في " الإمام " : رأيت في " كتاب الوهم والإيهام " لابن القطان المقروء عليه دجاجة " بكسر الدال " وعليها صح ، وكتب الناسخ في " الحاشية " بكسر الدال بخلاف واحدة الدجاج انتهى كلامه . وأما حديث أم سلمة .

                                                                                                        فرواه ابن ماجه في " سننه " حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة .

                                                                                                        [ ص: 278 ] ومحمد بن يحيى قالا : ثنا أبو نعيم ثنا ابن أبي غنية عن أبي الخطاب الهجري عن محدوج الذهلي عن جسرة ، قالت : أخبرتني أم سلمة ، قالت : { دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم صرحة هذا المسجد فنادى بأعلى صوته : إن المسجد لا يحل لجنب ولا لحائض }انتهى .

                                                                                                        ورواه الطبراني في " معجمه " قال ابن أبي حاتم في " علله " : سمعت أبا زرعة يذكر حديثا به عن أبي نعيم عن ابن أبي غنية عن أبي الخطاب عن محدوج الذهلي عن جسرة ، قالت : أخبرتني أم سلمة ، فذكره ، فقال : يقولون : عن جسرة عن أم سلمة ، والصحيح عن جسرة عن عائشة انتهى كلامه .




                                                                                                        الخدمات العلمية