الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        ( ويحول وجهه للصلاة والفلاح يمنة ويسرة ) لأنه خطاب لقوم فيواجههم به ( وإن [ ص: 385 ] استدار في صومعته فحسن ) مراده إذا لم يستطع تحويل الوجه يمينا وشمالا ( مع ثبات قدميه ) مكانهما كما هو السنة ، بأن كانت الصومعة متسعة ، فأما من غير حاجة فلا .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        قوله : كما هو السنة " يعني تحويل الوجه في الأذان يمينا وشمالا مع ثبات القدمين " ، قلت : روى الأئمة الستة في " كتبهم " : البخاري في " الأذان " ومسلم في " الصلاة في باب المرور بين يدي المصلي " من حديث أبي جحيفة أنه رأى بلالا يؤذن ، قال : [ ص: 385 ] فجعلت أتتبع فاه هاهنا وهاهنا بالأذان ، يقول يمينا وشمالا : حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، وذكر فيه قصة ، ورواه الباقون في " الأذان " ولفظ أبي داود : فلما بلغ حي على الصلاة ، حي على الفلاح لوى عنقه يمينا وشمالا ، ولم يستدر ، ثم دخل ، فأخرج العنزة ، وساق الحديث ، ولفظ الطبراني فيه : { وجعل يقول برأسه . هكذا . وهكذا ، يمينا وشمالا ، حتى فرغ من أذانه } ، ولفظ ابن ماجه فيه مخالف لذلك ، قال : { أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بالأبطح ، وهو في قبة حمراء ، فخرج بلال ، فأذن فاستدار في أذانه ، وجعل إصبعيه في أذنيه }انتهى .

                                                                                                        أخرجه عن حجاج بن أرطاة عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه ، فذكر ، وبهذا اللفظ رواه الحاكم في " المستدرك " وقال : لم يذكرا فيه إدخال الإصبعين في الأذنين . والاستدارة في الأذان ، وهو صحيح على شرطهما جميعا انتهى ما وجدته كما عزواه . وأخرجه الحاكم في " المستدرك في كتاب الفضائل " عن عبد الله بن عمار بن سعد القرظ عن أبيه عن جده سعد القرظ ، قال : { كان بلال إذا كبر بالأذان استقبل القبلة ، ثم يقول : الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله مرتين أشهد أن محمدا رسول الله مرتين ، ويستقبل القبلة ، ثم ينحرف عن يمين القبلة ، فيقول : حي على الصلاة مرتين ثم ينحرف عن يسار القبلة ، فيقول : حي على الفلاح مرتين ثم يستقبل القبلة ، فيقول : الله أكبر . الله أكبر ، لا إله إلا الله ، }مختصرا ، وسكت عنه .

                                                                                                        { حديث آخر }

                                                                                                        أخرجه الدارقطني في " أفراده " عن عبد الله بن رشيد ثنا عبد الله بن بزيغ عن الحسن بن عمارة عن طلحة بن مصرف عن سويد بن غفلة عن بلال ، قال : { أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أذنا أو أقمنا أن لا نزيل أقدامنا عن مواضعها ، }رواه عن محمد بن معرج الجنديسابوري عن جعفر بن محمد بن حبيب عنه ، وقال : غريب من حديث سويد بن غفلة عن بلال ، تفرد به طلحة بن مصرف عنه ، وتفرد به الحسن بن عمارة عن طلحة ، وتفرد به عبد الله بن بزيغ عن الحسن ، وتفرد به عبد الله بن رشيد عنه انتهى . [ ص: 386 ] من " الإمام " .

                                                                                                        وأما الأثران : فقد تقدم عند ابن ماجه . والحاكم عن أبي جحيفة ، وفيه : فاستدار في أذانه ، ورواه الترمذي حدثنا محمود بن غيلان ثنا عبد الرزاق ثنا سفيان الثوري عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه ، قال : { رأيت بلالا يؤذن ، ويدور ، ويتبع فاه هاهنا وهاهنا ، وإصبعاه في أذنيه ، }وقال : حديث حسن صحيح ، واعترض البيهقي ، فقال : الاستدارة في الأذان ليست في الطرق الصحيحة في حديث أبي جحيفة ، ونحن نتوهم أن سفيان رواه عن الحجاج بن أرطاة عن عون ، والحجاج غير محتج به ، وعبد الرزاق وهم فيه ، ثم أسند عن عبد الله بن محمد بن الوليد عن سفيان به ، وليس فيه " الاستدارة " ، وقد رويناه من حديث قيس بن الربيع عن عون ، وفيه : ولم يستدر ، قال الشيخ في " الإمام " : أما كونه ليس مخرجا في " الصحيح " ، فغير لازم ، وقد صححه الترمذي ، وهو من أئمة الشأن ، وأما أن عبد الرزاق وهم فيه ، فقد تابعه مؤمل ، كما أخرجه أبو عوانة في " صحيحه " عن مؤمل عن سفيان به نحوه ، وأما توهمه أنه سمع من حجاج بن أرطاة فقد جاء مصرحا به ، كما أخرجه الطبراني عن يحيى بن آدم عن سفيان عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه ، قال : { رأيت بلالا أذن فأتبع فاه ، هاهنا وهاهنا }.

                                                                                                        قال يحيى : قال سفيان : كان حجاج بن أرطاة يذكر عن عون أنه قال : واستدار في أذانه . فلما لقينا عونا لم يذكر فيه : واستدار ، وأيضا فقد جاءت " الاستدارة " من غير جهة الحجاج ، أخرجه الطبراني أيضا عن زياد بن عبد الله عن إدريس الأودي عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه ، قال : { أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم . وحضرت الصلاة ، فقام بلال فأذن ، وجعل إصبعيه في أذنيه ، وجعل يستدير ، }وذكر باقيه ، وأخرج أبو الشيخ الأصبهاني في " كتاب الأذان " عن حماد ، وهيثم جميعا عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه { أن بلالا أذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالبطحاء . فوضع إصبعيه في أذنيه ، وجعل يستدير يمينا وشمالا . }




                                                                                                        الخدمات العلمية