الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 389 ] وقال الشافعي رحمه الله : يفصل بركعتين اعتبارا بسائر الصلوات ، والفرق قد ذكرناه . ( قال يعقوب : رأيت أبا حنيفة رحمه الله يؤذن في المغرب ويقيم ، ولا يجلس بين الأذان والإقامة ) وهذا يفيد ما قلناه ، وأن المستحب كون المؤذن عالما بالسنة لقوله عليه الصلاة والسلام : { ويؤذن لكم خياركم }.

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        قوله : والشافعي رحمه الله يفصل بين الأذان والإقامة في المغرب بركعتين ، سيأتي الكلام على أحاديث المسألة في " باب النوافل " إن شاء الله تعالى . [ ص: 389 ] الحديث الثامن :

                                                                                                        قال النبي صلى الله عليه وسلم : " وليؤذن لكم خياركم " ، قلت : رواه أبو داود في " الصلاة في باب من أحق بالإمامة " وابن ماجه في " الأذان " من حديث حسين بن عيسى عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ليؤذن لكم خياركم ويؤمكم قراءكم }. انتهى .

                                                                                                        ورواه الطبراني في " معجمه " ، وذكر الدارقطني أن الحسين بن عيسى تفرد بهذا الحديث عن الحكم بن أبان ، وحسين بن عيسى منكر الحديث ، قاله أبو حاتم . وأبو زرعة الرازي ، وفي " الإمام " : وروى إبراهيم بن أبي يحيى عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { لا يؤذن لكم غلام حتى يحتلم ، وليؤذن لكم خياركم } ، انتهى .

                                                                                                        ولم يعزه ثم قال الإمام أبو محمد عبد الحق : إبراهيم هذا وثقه الشافعي خاصة ، وضعفه الناس ، وأصلح ما سمعت فيه من غير الشافعي أنه ممن يكتب حديثه انتهى .

                                                                                                        أحاديث التثويب وهو مخصوص عندنا بالفجر ، كما ذكرناه في " الكتاب " ، وفيه حديثان ضعيفان :

                                                                                                        أحدهما : للترمذي . وابن ماجه عن أبي إسرائيل عن الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن { بلال ، قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أثوب في شيء من الصلاة إلا في صلاة الفجر ، }انتهى .

                                                                                                        قال الترمذي : هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث أبي إسرائيل الملائي ، وليس بالقوي ، ولم يسمعه من الحكم ، إنما رواه عن الحسن بن عمارة عن الحكم ، انتهى .

                                                                                                        { الحديث الثاني } : أخرجه البيهقي عن عطاء بن السائب عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن { بلال ، قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أثوب إلا في الفجر ، }انتهى . قال البيهقي : وعبد الرحمن لم يلق بلالا انتهى . ولكن اختلفوا في التثويب ، فقال أصحابنا : [ ص: 390 ] هو أن يقول بين الأذان والإقامة : حي على الصلاة . حي على الفلاح " مرتين " ، وقال الباقون : هو قوله في الأذان : الصلاة خير من النوم .

                                                                                                        أحاديث الجمع بين الأذان والإقامة لا يستحب لمن أذن أن يقيم عندنا وعند مالك ، وقال الشافعي . وأحمد : يستحب ، لنا : ما أخرجه أبو داود عن أبي سهل محمد بن عمرو عن محمد بن عبد الله عن عمه عبد الله بن زيد أنه أري الأذان ، قال : { فجئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته ، فقال : ألقه على بلال ، فألقيته عليه ، فأذن ، ثم أراد أن يقيم ، فقلت : يا رسول الله أنا رأيت ، فأريد أن أقيم ، قال : فأقم أنت فأقام هو وأذن بلال ، }انتهى .

                                                                                                        وأعلوه بأبي سهل تكلم فيه ابن معين . وغيره ، قالوا : وعلى تقدير صحته ، فإنما أراد تطيب قلبه ; لأنه رأى المنام ، أم لبيان الجواز ، واستدلوا بحديث الصدائي { : من أذن فهو يقيم } ، رواه أبو داود والترمذي . وابن ماجه من حديث عبد الرحمن بن زياد الأفريقي عن زياد بن نعيم الحضرمي عن زياد بن الحارث الصدائي .

                                                                                                        قال الترمذي : إنما نعرفه من حديث الأفريقي ، وقد ضعفه سعيد القطان . وغيره ، وقال أحمد : لا أكتب حديث الأفريقي .

                                                                                                        وحديث عبد الله بن زيد أخرجه الطحاوي في " شرح الآثار " عن عبد السلام بن حرب عن أبي العميس عن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن زيد عن أبيه عن جده { أنه حين أري الأذان أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلالا ، فأذن ، ثم أمر عبد الله ، فأقام }.

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه أبو حفص عمر بن شاهين في " كتاب الناسخ والمنسوخ " ، وأبو الشيخ الأصبهاني في " كتاب الأذان " والخطيب البغدادي عن سعيد بن أبي راشد المازني ثنا عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في مسير له ، فحضرت الصلاة ، فنزل القوم فطلبوا بلالا فلم يجدوه ، فقام رجل ، فأذن ، ثم جاء بلال ، فذكر له ، فأراد أن يقيم ، فقال له عليه السلام : مهلا يا بلال ، فإنما يقيم من أذن }.

                                                                                                        قال ابن أبي حاتم في " العلل " : قال أبي : هذا حديث منكر ، وسعيد هذا منكر الحديث ضعيف قال في " الإمام " : هكذا وقع في لفظ رواية أبي داود الطيالسي : حدثنا [ ص: 391 ] محمد بن عمرو الواقفي عن عبد الله بن محمد الأنصاري عن عمه عبد الله بن زيد . قال : وهو أصح من الأول انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية