الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( ولا بأس بالدخول في القضاء لمن يثق بنفسه أن يؤدي فرضه ) لأن [ ص: 39 ] الصحابة رضي الله عنهم تقلدوه وكفى بهم قدوة ولأنه فرض كفاية لكونه أمرا بالمعروف .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        قوله : روي عن الصحابة أنهم تقلدوا القضاء ، وكفى بهم قدوة ; قلت : تقدم عند أبي داود ، والترمذي ، وابن ماجه أن عليا تقلد القضاء من النبي صلى الله عليه وسلم وقال الترمذي : [ ص: 39 ] حديث حسن وأخرج البيهقي أن أبا بكر لما ولى عمر بن الخطاب القضاء ، وأبا عبيدة المال ، وأخرج أيضا عن أبي وائل ، أن عمر استعمل عبد الله بن مسعود على القضاء ، وبيت المال وأخرج ابن سعد في " الطبقات " أخبرنا عفان بن مسلم ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا الحجاج بن أرطاة عن نافع ، قال : لما استعمل عمر بن الخطاب زيد بن ثابت على القضاء فرض له رزقا انتهى .

                                                                                                        أحاديث الاجتهاد ، والقياس أخرج البخاري ، ومسلم عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { إذا حكم الحاكم فاجتهد ، فأصاب فله أجران ، وإذا حكم وأخطأ فله أجر }انتهى . وأخرج أبو داود ، والترمذي عن الحارث بن عمرو عن أناس من أهل حمص من أصحاب معاذ { عن معاذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعثه إلى اليمن قال له : كيف تقضي إذا عرض لك قضاء ؟ قال : أقضي بكتاب الله ، قال : فإن لم تجد في كتاب الله ؟ قال : فبسنة رسول الله ، قال : فإن لم تجد في سنة رسول الله ، ولا في كتاب الله ؟ قال : أجتهد رأيي ، ولا آلو ، فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره ، وقال : الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله }انتهى .

                                                                                                        وأخرجاه أيضا عن أناس من أصحاب معاذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسلا ، قال الترمذي : هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وليس إسناده بمتصل انتهى .

                                                                                                        وقال البخاري في " تاريخه الكبير " : الحارث بن عمرو ابن أخي المغيرة بن شعبة الثقفي عن أصحاب معاذ عن معاذ ، روى عنه أبو عون ، ولا يصح ، ولا يعرف إلا بهذا مرسل انتهى . وفيه كتاب عمر إلى أبي موسى رواه الدارقطني ، ثم البيهقي في [ ص: 40 ] سننهما " ، وفيه : الفهم فيما يختلع في صدرك مما لم يبلغك في الكتاب والسنة اعرف الأشباه والأمثال ، ثم قس الأمور عند ذلك ، فاعمل إلى أحبها إلى الله ، وأشبهها بالحق فيما ترى الحديث ، وسيأتي بتمامه قريبا ، قال البيهقي : والاجتهاد هو القياس ، وأخرج عن جماعة من الصحابة أنهم اجتهدوا وقاسوا فأخرج عن سفيان حدثني عبد الله بن أبي يزيد قال : سمعت ابن عباس إذا سئل عن الشيء ، فإن كان في كتاب الله قال به وإن لم يجد وكان في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال به ، فإن لم يجد ، وكان عن أبي بكر ، أو عمر قال به ، فإن لم يجد اجتهد رأيه . انتهى .

                                                                                                        وقال : إسناده صحيح وأخرج حديث ابن مسعود قال : { لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت الأنصار : منا أمير ، ومنكم أمير فبلغ ذلك عمر فأتاهم فقال لهم : يا معشر الأنصار ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : مروا أبا بكر أن يصلي بالناس ؟ قالوا : نعم قال : فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر ؟ فقالت الأنصار : نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر }قال البيهقي : فقد قاس عمر الإمامة في سائر الأمور على إمامة الصلاة وقبله منه جميع الصحابة المهاجرون والأنصار وأخرج حديث ابن مسعود في قصة بروع بنت واشق أقول فيها برأيي ، فإن كان صوابا فمن الله ، وإن كان خطأ فمني وحديث أبي بكر في " الكلالة " أقول فيها برأيي فإن يك صوابا فمن الله ، وإن يك خطأ فمني ومن الشيطان .

                                                                                                        وعن مالك بن أنس قال : أنزل الله كتابه وترك فيه موضعا لسنة نبيه وسن نبيه صلى الله عليه وسلم السنن ، وترك فيها موضعا للرأي والقياس انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية