الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        فصل في الوطء والنظر واللمس قال : ( ولا يجوز أن ينظر الرجل إلى الأجنبية إلا إلى وجهها وكفيها ) لقوله تعالى: { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها }قال علي وابن عباس رضي الله عنهما : ما ظهر منها الكحل والخاتم ، والمراد موضعهما وهو : الوجه [ ص: 127 ] والكف ، كما أن المراد بالزينة المذكورة موضعها ، ولأن في إبداء الوجه والكف ضرورة لحاجتها إلى المعاملة مع الرجال أخذا وإعطاء وغير ذلك ، وهذا تنصيص على أنه لا يباح النظر إلى قدمها .

                                                                                                        وعن أبي حنيفة رحمه الله أنه يباح ; لأن فيه بعض الضرورة .

                                                                                                        وعن أبي يوسف رحمه الله أنه يباح النظر إلى ذراعيها أيضا ; لأنه قد يبدو منها عادة .

                                                                                                        قال : ( فإن كان لا يأمن الشهوة لا ينظر إلى وجهها إلا لحاجة ) لقوله عليه الصلاة والسلام : " { من نظر إلى محاسن امرأة أجنبية عن شهوة صب في عينيه الآنك يوم القيامة }" .

                                                                                                        فإن خاف الشهوة لم ينظر من غير حاجة تحرزا عن المحرم ، وقوله لا يأمن يدل على أنه لا يباح إذا شك في الاشتهاء كما إذا علم أو كان أكبر رأيه ذلك .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        فصل في الوطء ، والنظر ، والمس

                                                                                                        قوله : روي عن علي ، وابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها }قال : هي الكحل والخاتم ; قلت : الرواية عن ابن عباس رواه الطبراني في " تفسيره " حدثنا أبو كريب ثنا مروان بن معاوية ثنا مسلم الملائي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى: { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها }قال : هي الكحل والخاتم انتهى وأخرجه البيهقي عن جعفر بن عون ثنا مسلم الملائي به ، ثم أخرجه عن خصيف عن عكرمة عن ابن عباس نحوه سواء ، وأخرجه ابن أبي شيبة في [ ص: 127 ] مصنفه في النكاح " عن عكرمة ، وأبي صالح ، وسعيد بن جبير من قولهم ; وأخرجه عبد الرزاق في " تفسيره " عن قتادة ، وأما الرواية عن علي فغريب . ما خالف ذلك : أخرج البيهقي عن حفص بن غياث عن عبد الله بن مسلم بن هرمز عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى: { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } ، قال : الوجه والكفان ، ثم أخرجه عن عقبة الأصم عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة ، قالت : { ما ظهر منها }الوجه والكفان ، قال : وعقبة الأصم تكلم فيه ، انتهى

                                                                                                        وأخرج الطبراني في " تفسيره " من طرق جيدة عن ابن مسعود ، قال : هي الثياب انتهى

                                                                                                        الحديث الرابع عشر : قال عليه السلام : " { من نظر إلى محاسن امرأة أجنبية عن شهوة صب في عينيه الآنك يوم القيامة }" ; قلت : غريب ; والمعروف : { من استمع إلى حديث قوم ، وهم له كارهون ، صب في أذنه الآنك يوم القيامة } ، أخرجه البخاري في " صحيحه في كتاب التعبير " عن أيوب السختياني عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا : { من تحلم بحلم لم يره ، كلف أن يعقد بين شعيرتين ، ولن يفعل ، ومن استمع إلى حديث قوم ، وهم له كارهون أو يفرون منه صب في أذنيه الآنك يوم القيامة ، ومن صور صورة عذب ، وكلف أن ينفخ فيها ، وليس بنافخ }انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية