الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( وفيما دون الموضحة حكومة عدل ) لأنه ليس فيها أرش مقدر ولا يمكن إهداره فوجب اعتباره بحكم العدل ، وهو مأثور عن النخعي وعمر بن عبد العزيز .

                                                                                                        قال : ( وفي الموضحة إن كانت خطأ نصف عشر الدية ، وفي الهاشمة [ ص: 403 ] عشر الدية ، وفي المنقلة عشر الدية ونصف عشر الدية ، وفي الآمة ثلث الدية ، وفي الجائفة ثلث الدية ، فإن نفذت فهما جائفتان ففيهما ثلثا الدية ) لما روي في كتاب عمرو بن حزم رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : { وفي الموضحة خمس من الإبل وفي الهاشمة عشر ، وفي المنقلة خمسة عشر ، وفي الآمة ويروى المأمومة ثلث الدية }. [ ص: 404 ]

                                                                                                        وقال عليه الصلاة والسلام : { في الجائفة ثلث الدية }.

                                                                                                        وعن أبي بكر رضي الله عنه أنه حكم في جائفة نفذت إلى الجانب الآخر بثلثي الدية ، ولأنها إذا نفذت نزلت منزلة جائفتين إحداهما من جانب البطن ، والأخرى من جانب الظهر ، وفي كل جائفة ثلث الدية ، فلهذا وجب في النافذة ثلثا الدية . وعن محمد رحمه الله : أنه جعل المتلاحمة قبل الباضعة ، وقال : هي التي يتلاحم فيها الدم ويسود وما ذكرناه بدءا مروي عن أبي يوسف رحمه الله ، وهذا اختلاف عبارة لا يعود إلى معنى وحكم وبعد هذا شجة أخرى تسمى الدامغة ، وهي التي تصل إلى الدماغ وإنما لم يذكرها لأنها تقع قتلا في الغالب لا جناية مقتصرة منفردة بحكم على حدة ، ثم هذه الشجاج تختص بالوجه والرأس لغة ، وما كان في غير الوجه والرأس يسمى جراحة والحكم مرتب على الحقيقة في الصحيح ، حتى لو تحققت في غيرهما نحو الساق واليد لا يكون لها أرش ، مقدر وإنما تجب حكومة العدل ، لأن التقدير بالتوقيف وهو إنما ورد فيما يختص بهما ، ولأنه إنما ورد الحكم فيها لمعنى الشين الذي يلحقه ببقاء أثر [ ص: 405 ] الجراحة والشين يختص بما يظهر منها في الغالب ، وهو العضوان هذان لا سواهما .

                                                                                                        وأما اللحيان فقد قيل : ليسا من الوجه وهو قول مالك رحمه الله ، حتى لو وجد فيهما ما فيه أرش مقدر لا يجب المقدر ، وهذا لأن الوجه مشتق من المواجهة ، ولا مواجهة للناظر فيهما إلا أن عندنا هما من الوجه لاتصالهما به من غير فاصلة وقد يتحقق فيه معنى المواجهة أيضا ، وقالوا : الجائفة تختص بالجوف جوف الرأس أو جوف البطن وتفسير حكومة العدل على ما قاله الطحاوي رحمه الله أن يقوم مملوكا بدون هذا الأثر ويقوم به هذا الأثر ثم ينظر إلى تفاوت ما بين القيمتين ، فإن كان نصف عشر القيمة يجب نصف عشر الدية وإن كان ربع عشر فربع عشر ، وقال الكرخي رحمه الله ينظر كم مقدار هذه الشجة من الموضحة ، فيجب بقدر ذلك من نصف عشر الدية لأن ما لا نص فيه يرد إلى [ ص: 406 ] المنصوص عليه والله أعلم .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث السادس عشر : روي في " كتاب عمرو بن حزم " { أنه عليه السلام قال : في الموضحة خمس من الإبل ، وفي الهاشمة عشر ، وفي المنقلة خمسة عشرة ، وفي الآمة ، ويروى : المأمومة ، ثلث الدية }; قلت : تقدم في " كتاب عمرو بن حزم " { وفي المأمومة ثلث الدية ، وفي الجائفة ثلث الدية ، وفي المنقلة خمس عشرة من الإبل ، وفي الموضحة [ ص: 403 ] خمس من الإبل } ، وليس فيه ذكر الهاشمة ، لكن روى عبد الرزاق في " مصنفه " أخبرنا محمد بن راشد عن مكحول عن قبيصة بن ذؤيب عن زيد بن ثابت ، قال : في الدامية بعير ، وفي الباضعة بعيران ، وفي المتلاحمة ثلاث ، وفي السمحاق أربع ، وفي الموضحة خمس ، وفي الهاشمة عشر ، وفي المنقلة خمس عشرة ، وفي المأمومة ثلث الدية ، وفي الرجل يضرب حتى يذهب عقله الدية كاملة ، وفي جفن العين ربع الدية ، وفي حلمة الثدي ربع الدية انتهى . وهذا موقوف ; وروى ابن أبي شيبة في " مصنفه في آخر الحدود " حدثنا عبد الأعلى ثنا محمد بن إسحاق ثنا مكحول ، قال : { قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الموضحة بخمس من الإبل ، وفي المنقلة خمس عشرة ، وفي المأمومة الثلث ، وفي الجائفة الثلث } ، انتهى .

                                                                                                        وأخرج أبو داود ، والترمذي ، والنسائي عن حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : في الموضحة خمس خمس }انتهى .

                                                                                                        وروى عبد الرزاق في " مصنفه " أخبرنا ابن جريج عن عمرو بن شعيب ، قال : { قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الموضحة بخمس من الإبل ، أو عدلها من الذهب ، أو الورق ، أو الشاء ، وفي المنقلة خمس عشرة من الإبل ، أو عدلها من الذهب ، أو الورق ، أو الشاء ، أو البقر }انتهى وأخرج الدارقطني في سننه " عن خالد بن إلياس عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة عن الشفاء أم سليمان { أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل أبا جهم بن غانم على المغانم يوم حنين ، فأصاب رجلا بقوسه ، فشجه منقلة ، فقضى فيه رسول [ ص: 404 ] الله صلى الله عليه وسلم بخمس فريضة }انتهى

                                                                                                        الحديث السابع عشر : { قال عليه السلام : في الجائفة ثلث الدية }; قلت : تقدم في " كتاب عمرو بن حزم { وفي الجائفة ثلث } ، وتقدم في مرسل مكحول ، وأشعث ; وروى ابن أبي شيبة في " مصنفه : حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن محمد بن إسحاق عن مكحول ، وأشعث عن الزهري { أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في الجائفة بثلث الدية }انتهى .

                                                                                                        وتقدم أيضا في حديث عمر بن الخطاب ، عند البزار .

                                                                                                        قوله : روي عن أبي بكر رضي الله عنه أنه حكم في جائفة نفذت إلى الجانب الآخر ، بثلثي الدية ; قلت : رواه عبد الرزاق في " مصنفه " أخبرنا ابن جريج عن داود بن أبي عاصم [ ص: 405 ] قال : سمعت ابن المسيب يقول : قضى أبو بكر بالجائفة إذا نفذت في الجوف من الشقين ، بثلثي الدية انتهى أخبرنا الثوري عن محمد بن عبد الرحمن عن عمرو بن شعيب عن ابن المسيب ، قال : قضى أبو بكر في الجائفة تكون نافذة بثلثي الدية ، وقال : هما جائفتان ، قال سفيان : ولا تكون الجائفة إلا في الجوف انتهى .

                                                                                                        ورواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن حجاج عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب أن قوما كانوا يرمون ، فرمى رجل منهم بسهم خطأ ، فأصاب بطن رجل ، فأنفذه إلى ظهره ، فدوي فبرأ ، فرفع إلى أبي بكر ، فقضى فيه بجائفتين انتهى .

                                                                                                        وأخرجه الطبراني في " كتاب مسند الشاميين " عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبيه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص أن أبا بكر رضي الله عنه قضى بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجل أنفذ من شقيه بثلثي الدية ، وقال : هما جائفتان انتهى .

                                                                                                        وأخرجه أيضا عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن أبيه عن مكحول عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو ، فذكره . أخرجه البيهقي .




                                                                                                        الخدمات العلمية