الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        ( ويكره تقديم العبد ) لأنه لا يفرغ للتعلم ( والأعرابي ) لأن الغالب فيهم [ ص: 34 ] الجهل ( والفاسق ) لأنه لا يهتم لأمر دينه ( والأعمى ) لأنه لا يتوقى النجاسة ( وولد الزنا ) لأنه ليس له أب يثقفه فيغلب عليه الجهل ، ولأن في تقديم هؤلاء تنفير الجماعة فيكره ( وإن تقدموا جاز ) لقوله عليه الصلاة والسلام { صلوا خلف كل بر وفاجر } .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الثالث والستون : قال عليه السلام " { صلوا خلف كل بر وفاجر } ، قلت : [ ص: 34 ] أخرجه الدارقطني في " سننه " عن معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن مكحول عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { صلوا خلف كل بر وفاجر ، وصلوا على كل بر وفاجر ، وجاهدوا مع كل بر وفاجر }انتهى . قال الدارقطني : مكحول لم يسمع من أبي هريرة ، ومن دونه ثقات انتهى .

                                                                                                        ومن طريق الدارقطني رواه ابن الجوزي في " العلل المتناهية " ، وأعله بمعاوية بن صالح ، مع ما فيه من الانقطاع . وتعقبه ابن عبد الهادي ، وقال إنه من رجال الصحيح . انتهى .

                                                                                                        والحديث رواه أبو داود في " سننه في كتاب الجهاد " ، وضعفه بأن مكحولا لم يسمع من أبي هريرة ، ولفظه ، قال : { الجهاد واجب عليكم ، مع كل أمير برا كان أو فاجرا ، والصلاة واجبة عليكم خلف كل مسلم برا كان أو فاجرا ، وإن عمل الكبائر ، والصلاة واجبة على كل مسلم برا كان أو فاجرا ، وإن عمل الكبائر }. انتهى .

                                                                                                        ومن طريق أبي داود ، رواه البيهقي في " المعرفة " ، وقال : إسناده صحيح ، إلا أن فيه انقطاعا بين مكحول وأبي هريرة ، وله طريق آخر عن الدارقطني عن عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة عن هشام بن عروة عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة مرفوعا : { سيليكم من بعدي ولاة : البر ببره . والفاجر بفجوره ، فاسمعوا له ، وأطيعوا فيما وافق الحق ، وصلوا وراءهم ، فإن أحسنوا فلكم ولهم ، وإن أساءوا فلكم وعليهم }انتهى .

                                                                                                        ومن طريق الدارقطني ، رواه ابن الجوزي في " العلل " وأعله بعبد الله هذا ، قال أبو حاتم : متروك الحديث ، وقال ابن حبان : لا يحل كتب حديثه ، قال ابن الجوزي : وسئل أحمد عن حديث : { صلوا خلف كل بر وفاجر } ، فقال : ما سمعنا به انتهى .

                                                                                                        أحاديث الباب : أخرج ابن ماجه في " سننه " عن الحارث بن نبهان عن عتبة بن يقظان عن أبي سعيد الشامي عن مكحول عن واثلة بن الأسقع ، قال : قال رسول الله [ ص: 35 ] صلى الله عليه وسلم : { لا تكفروا أهل ملتكم ، وإن عملوا الكبائر ، وصلوا مع كل إمام ، وجاهدوا مع كل أمير ، وصلوا على كل ميت من أهل القبلة }انتهى . وأبو سعيد هذا ، قال الدارقطني : مجهول ، وعتبة ، قال ابن الجنيد : لا يساوي شيئا ، والحارث بن نبهان ، قال النسائي : متروك ، وقال ابن حبان : لا يحتج به ، وأسند إلى ابن معين ، أنه قال : ليس بشيء .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه الدارقطني عن محمد بن الفضل عن سالم الأفطس عن مجاهد عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { صلوا على من قال : لا إله إلا الله ، وصلوا وراء من قال : لا إله إلا الله }انتهى .

                                                                                                        وأعله ابن الجوزي بمحمد بن الفضل ، قال : قال النسائي : متروك ، وقال أحمد : حديثه يشبه حديث أهل الكذب ، وقال ابن معين : كان كذابا انتهى . ورواه أبو نعيم في " الحلية " عن سويد بن عمر .

                                                                                                        وعن سالم الأفطس به ، وأخرجه ابن الجوزي في " العلل المتناهية " من طرق أخرى واهية : أحدها : فيها عثمان بن عبد الرحمن ، ونسبه إلى الكذب عن ابن معين . والأخرى : فيها الوليد المخزومي خالد بن إسماعيل ، ونسبه إلى الوضع عن ابن عدي . والأخرى : فيها وهب بن وهب القاضي ، ونسبه أحمد إلى الوضع . و [ الأخرى ] : فيها عبد الله العثماني ، ونسب إلى الوضع عن ابن عدي . وابن حبان ، وحديث عثمان بن عبد الرحمن وحديث الوليد المخزومي ، كلاهما في " سنن الدارقطني " .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه الدارقطني أيضا عن عمر بن صبح عن منصور عن إبراهيم عن علقمة . والأسود عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ثلاث من السنة : الصف خلف كل إمام ، لك صلاتك ، وعليه إثمه . والجهاد مع كل أمير ، لك جهادك ، وعليه شره . والصلاة على كل ميت من أهل التوحيد ، وإن كان قاتل نفسه }انتهى .

                                                                                                        قال عمر بن صبيح متروك انتهى . وفي " تحقيق ابن الجوزي " قال ابن حبان : كان يضع الحديث . انتهى .

                                                                                                        [ ص: 36 ] حديث آخر } : أخرجه الدارقطني عن فرات بن سليمان عن محمد بن علوان عن الحارث عن علي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من أصل الدين الصلاة خلف كل بر وفاجر ، والجهاد مع كل أمير ، والصلاة على كل من مات من أهل القبلة }انتهى .

                                                                                                        قال الدارقطني : ليس في هذه الأحاديث شيء يثبت . ومن طريق الدارقطني ، رواه ابن الجوزي في " العلل " ، وقال : فرات بن سليمان ، قال ابن حبان : منكر الحديث جدا ، يأتي بما لا يشك أنه معمول ، لكن سماه فرات بن سليم ، والحارث ، فقال فيه ابن المديني : كان كذابا انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه العقيلي في " كتابه " عن الوليد بن الفضل أخبرني عبد الجبار بن الحجاج الخراساني عن مكرم بن حكيم الخثعمي عن سيف بن منير عن أبي الدرداء ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا تكفروا أحدا من أهل القبلة ، وصلوا خلف كل إمام ، وجاهدوا مع كل أمير }انتهى . والوليد بن الفضل العنزي ، قال ابن حبان في " كتاب الضعفاء له " : يروي المناكير التي لا يشك أنها موضوعة ، لا يجوز الاحتجاج به .

                                                                                                        وقال أبو حاتم : مجهول ، ومكرم بن حكيم ، قال الأزدي : ليس بشيء ، وسيف ضعفه الدارقطني ، وقال الأزدي : لا يكتب حديثه .




                                                                                                        الخدمات العلمية