الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 181 ] قال : ( وكل إهاب دبغ فقد طهر ، وجازت الصلاة فيه والوضوء منه ، إلا جلد الخنزير والآدمي ) لقوله عليه الصلاة والسلام : { أيما إهاب دبغ فقد طهر }وهو بعمومه حجة على مالك رحمه الله في جلد الميتة . [ ص: 182 - 186 ] ولا يعارض بالنهي الوارد عن الانتفاع من الميتة بإهاب [ وهو قوله عليه الصلاة والسلام { لا تنتفعوا من الميتة بإهاب }" ] ; لأنه اسم لغير المدبوغ ، وحجة على الشافعي رحمه الله تعالىفي جلد الكلب ، وليس الكلب بنجس العين ، ألا يرى أنه ينتفع به حراسة واصطيادا ، بخلاف الخنزير ; لأنه نجس العين ، إذ الهاء في قوله تعالى: { فإنه رجس }منصرف إليه لقربه ، وحرمة الانتفاع بأجزاء الآدمي لكرامته ، فخرجا عما روينا . ثم ما يمنع النتن والفساد فهو دباغ ، وإن كان تشميسا أو تتريبا ; لأن المقصود يحصل به ، فلا معنى لاشتراط غيره . ثم ما يطهر جلده بالدباغ يطهر بالذكاة ; لأنها تعمل عمل الدباغ في إزالة الرطوبات النجسة ، وكذلك يطهر لحمه ، هو الصحيح ، وإن لم يكن مأكولا .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث التاسع والثلاثون : قال عليه السلام : { أيما إهاب دبغ فقد طهر }قلت : روي من حديث ابن عباس . ومن حديث ابن عمر ، أما حديث ابن عباس ، فرواه النسائي في " سننه في كتاب الفرع والعتيرة " ، والترمذي . وابن ماجه في " كتاب اللباس " من حديث زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن وعلة عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أيما إهاب دبغ فقد طهر }انتهى .

                                                                                                        قال الترمذي : حديث حسن صحيح ، فسره النضر بن شميل ، وقال : إنما يقال : " إهاب " لجلد ما يؤكل لحمه انتهى . ورواه مالك في " الموطإ " عن زيد بن أسلم عن ابن وعلة سواء .

                                                                                                        ورواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع السادس والمائة ، من القسم الثاني ، ورواه أحمد . والشافعي . وإسحاق بن راهويه . والبزار في " مسانيدهم " ، ورواه البزار في حديث يحيى بن سعيد عن ابن وعلة ، ومن حديث القعقاع بن حكم عنه ، ثم قال : وإنما رويناه كذلك ، لئلا يقول جاهل : إن عبد الرحمن رجل مجهول ، وروى عنه أيضا عبد الله بن هبيرة انتهى كلامه .

                                                                                                        واعلم أن كثيرا من أهل العلم المتقدمين والمتأخرين عزوا هذا الحديث في " كتبهم " إلى مسلم ، وهو وهم ، وممن فعل ذلك البيهقي في " سننه " وإنما رواه مسلم بلفظ : { إذا دبغ الإهاب فقد طهر } ، واعتذر عنه الشيخ تقي الدين في " كتاب الإمام " فقال : والبيهقي وقع له مثل في " كتابه " كثيرا ، ويريد به أصل الحديث لا كل لفظة منه ، قال : وذلك عندنا معيب جدا إذا قصد الاحتجاج بلفظة معينة ، لأن فيه إبهام أن اللفظ المذكور أخرجه مسلم ، مع أن المحدثين أعذر في هذا من الفقهاء ; لأن مقصود المحدثين الإسناد ومعرفة المخرج ، وعلى هذا الأسلوب ألفوا كتب الأطراف ، فأما الفقيه الذي يختلف نظره باختلاف اللفظ فلا ينبغي له أن يحتج بأحد المخرجين ، إلا إذا كانت اللفظة فيه انتهى . [ ص: 182 ]

                                                                                                        وأما حديث ابن عمر ، فأخرجه الدارقطني في " سننه " عن إبراهيم بن طهمان عن أيوب عن نافع عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله : { أيما إهاب دبغ فقد طهر }انتهى . قال الدارقطني : إسناده حسن ، انتهى .

                                                                                                        أحاديث الباب ، وروى البخاري . ومسلم من حديث ابن عباس ، قال : { تصدق على مولاة لميمونة بشاة فماتت ، فمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : هلا أخذتم إهابها فدبغتموه فانتفعتم به ؟ فقالوا : إنها ميتة ، قال : إنما حرم أكلها }انتهى .

                                                                                                        أخرجه البخاري في " الذبائح " ومسلم في " الطهارة " ورواه الدارقطني ، وزادا : { وليس في الماء والقرظ ما يطهرها } ، وفي لفظ قال : { إنما حرم عليكم لحمها ، ورخص لكم في مسكها } ، وفي لفظ : قال : { إن دباغه طهوره } ، وأخرج هذه الألفاظ في حديث ميمونة ، ثم قال : وهذه الأسانيد كلها صحاح انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : روى البخاري في " الأيمان والنذور " من حديث سودة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : { ماتت لنا شاة فدبغنا مسكها ، ثم ما زلنا ننبذ فيه حتى صار شنا }انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : روى مسلم من حديث { أبي الخير ، قال : رأيت على ابن وعلة فروا فمسسته ، فقال : ما لك تمسه ؟ قد سألت ابن عباس ، فقلت : إنا نكون بالمغرب ومعنا البربر والمجوس نؤتى بالكبش قد ذبحوه ، ونحن لا نأكل ذبائحهم ، ويأتونا بالسقاء يجعلون فيه الماء والودك ، فقال ابن عباس : قد سألنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فقال : دباغه طهوره }انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : روى ابن خزيمة في " صحيحه " والبيهقي في " سننه " من حديث عمرو بن مرة عن سالم بن أبي الجعد عن أخيه عن ابن عباس ، قال : { أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ من سقاء ، فقيل له : إنه ميتة ، فقال : دباغه يزيل خبثه أو نجسه أو رجسه }انتهى . قال البيهقي : إسناده صحيح ، ورواه الحاكم ، وقال : هو صحيح .

                                                                                                        { حديث آخر } : روى ابن حبان في " صحيحه " في النوع الثالث والأربعين ، من القسم الثالث ، عن الأسود عن عائشة ، قالت : قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : { دباغ جلود [ ص: 183 ] الميتة طهورها }انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه أبو داود . والنسائي . وابن ماجه وابن حبان في " صحيحه " من طريق مالك عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أمه عن عائشة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن يستمتع بجلود الميتة إذا دبغت }انتهى .

                                                                                                        قال : في " الإمام " : وأعله الأثرم بأن أم محمد غير معروفة ، ولا يعرف لمحمد عنها غير هذا الحديث ، وسئل أحمد عن هذا الحديث ، فقال : ومن هي أمه ؟ كأنه أنكره من أجل أمه .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرج أبو داود . والنسائي عن جون بن قتادة عن سلمة بن المحبق { أن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك دعا بماء من عند امرأة ، قالت : ما عندي إلا في قربة لي ميتة ، قال : أليس قد دبغتها ؟ قالت : بلى ، قال فإن دباغها طهورها }انتهى .

                                                                                                        ورواه ابن حبان في " صحيحه " . وأحمد في " مسنده " ، قال : في " الإمام " : وأعله الأثرم بجون ، وحكي عن أحمد أنه قال : لا أدري من هو الجون بن قتادة انتهى .

                                                                                                        ورواه الترمذي في " علله الكبرى " وقال : لا أعرف لجون بن قتادة غير هذا الحديث ، ولا أدري من هو انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } أخرجه الدارقطني . ثم البيهقي عن زيد بن أسلم عن يسار عن عائشة مرفوعا { طهور كل أديم دباغه }انتهى . وقالا : إسناد حسن ، وكلهم ثقات انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } أخرجه الدارقطني عن معروف بن حسان عن عمر بن ذر عن معاذة [ ص: 184 ] عن عائشة ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { استمتعوا بجلود الميتة إذا هي دبغت ، ترابا كان أو رمادا أو ملحا أو ما كان بعد أن يزيد صلاحه } ، انتهى . ومعروف بن حسان ، قال أبو حاتم : مجهول ، وقال ابن عدي : منكر الحديث .

                                                                                                        { حديث آخر } أخرجه الدارقطني عن عبد الجبار بن مسلم عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس ، قال : { إنما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الميتة لحمها ، فأما الجلد . والشعر . والصوف ، فلا بأس به }انتهى .

                                                                                                        قال الدارقطني : عبد الجبار ضعيف قلت : ذكره ابن حبان في الثقات بهذا الحديث .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه الدارقطني عن يوسف بن السفر ثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، قال : سمعت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " { لا بأس بمسك الميتة إذا دبغ ، ولا بأس بصوفها وشعرها وقرونها إذا غسل بالماء }انتهى . قال : ويوسف متروك ، ولم [ يأت به غيره ] .

                                                                                                        { حديث آخر } أخرجه الدارقطني أيضا عن أبي بكر الهذلي ثنا الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس ، قال : سمعت { رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه }ألا كل شيء من الميتة حلال إلا ما أكل منها ، فأما الجلد . والقرن . والشعر . والصوف . والسن . والعظم ، فكله حلال ; لأنه لا يذكى }انتهى . قال : وأبو بكر الهذلي متروك .

                                                                                                        { حديث آخر } أخرجه البيهقي عن القاسم بن عبد الله عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر { أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على شاة ، فقال : ما هذه ؟ قالوا : ميتة ، قال : ادبغوا إهابها ، فإن دباغها طهوره }انتهى .

                                                                                                        وقال : القاسم ضعيف . [ ص: 185 ]

                                                                                                        { حديث آخر } أخرجه البيهقي عن سعيد بن المسيب عن زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم . قال : { دباغ جلود الميتة طهورها }انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } أخرجه الطبراني في " معجمه " والبزار في " مسنده " عن يعقوب بن عطاء عن أبيه عن ابن عباس قال : { ماتت شاة لميمونة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هلا استمتعتم بإهابها ؟ فإن دباغ الأديم طهوره }انتهى . ويعقوب هذا هو " ابن عطاء بن أبي رباح " فيه مقال : قال أحمد : منكر الحديث ، وقال ابن معين . وأبو زرعة : ضعيف ، وذكره ابن حبان في الثقات .

                                                                                                        { حديث آخر } أخرجه الدارقطني عن فرج بن فضالة عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن { أم سلمة أنها كانت لها شاة تحلبها ففقدها النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ما فعلت الشاة ؟ قالوا : ماتت ، قال : أفلا انتفعتم بإهابها ؟ فقلنا : إنها ميتة ، فقال عليه السلام : إن دباغها يحل كما يحل خل الخمر }انتهى .

                                                                                                        وقال : تفرد به فرج بن فضالة ، وهو ضعيف .

                                                                                                        { حديث آخر } في العظم ، أخرجه أبو داود . وأحمد عن حميد بن أبي حميد الشامي عن سليمان المنبهي عن ثوبان { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : اشتر لفاطمة قلادة من عصب وسوارين من عاج }انتهى .

                                                                                                        قال ابن الجوزي في " التحقيق " : وحميد . وسليمان غير معروفين ، والعاج قال ابن قتيبة : ليس الذي تعرفه العامة ، ذاك ميتة ، وإنما العاج الذبل ، قاله الأصمعي ، قال في " التنقيح " وحميد بن أبي حميد ذكره ابن عدي ، وقال : إنما أنكر عليه هذا الحديث ، ولا أعلم له غيره .

                                                                                                        وروى عن حميد سالم المرادي ، وصالح بن صالح بن حي ، وغيلان بن جامع ، ومحمد بن جحادة ، وأما سليمان المنبهي ، فيقال : إنه سليمان بن عبد الله ، ذكره ابن حبان في الثقات . انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } أخرجه البيهقي في " سننه " عن بقية عن عمرو بن خالد عن قتادة عن أنس { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمتشط بمشط من عاج }انتهى .

                                                                                                        قال [ رواية ] بقية عن شيوخه المجهولين ضعيفة . وقال الخطابي : قال الأصمعي : العاج : الذبل ، وهو ظهر السلحفاة البحرية ، وأما العاج الذي يعرفه العامة عظم أنياب الفيلة ، فهو ميتة لا يجوز [ ص: 186 ] استعماله انتهى كلامه .

                                                                                                        وفيه أمران : أحدهما : أنه أوهم بقوله ، عن شيوخه المجهولين : إن الواسطي مجهول ، وليس كذلك . والثاني : أنه أوهم بقوله : الذي يعرفه العامة أنه ليس من لغة العرب ، وليس كذلك ، قال : ابن سيده في " المحكم " : العاج أنياب الفيلة ، ولا يسمى غير الناب عاجا ، وقال الجوهري : العاج : عظم الفيل ، والواحدة عاجة .

                                                                                                        الحديث الأربعون : حديث النهي الوارد عن الانتفاع من الميتة بإهاب ، قلت : رواه أصحاب السنن الأربعة من حديث الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن عكيم عن { النبي صلى الله عليه وسلم أنه كتب إلى جهينة قبل موته بشهر : أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ، ولا عصب ، }انتهى .

                                                                                                        أخرجه النسائي في الذبائح ، والباقون في اللباس ، قال الترمذي : حديث حسن ، وقد روي عن عبد الله بن عكيم عن أشياخ له ، قال : وسمعت أحمد بن الحسن يقول : كان أحمد بن حنبل يذهب إلى هذا الحديث قبل وفاته بشهرين ، ويقول : كان هذا آخر أمر النبي صلى الله عليه وسلم ثم ترك أحمد بن حنبل هذا الحديث لما اضطربوا في إسناده انتهى .

                                                                                                        رواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع السادس والمائة ، [ ص: 187 ] من القسم الثاني ، من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن عكيم الجهني ، قال : { قرئ علينا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بأرض جهينة أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب }انتهى .

                                                                                                        ثم رواه عن ابن أبي ليلى أيضا عن عبد الله بن عكيم ثنا { مشيخة لنا من جهينة أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إليهم أن لا تستمتعوا من الميتة بشيء } ، انتهى .

                                                                                                        قال : وهذا ربما أوهم عالما ، أن الخبر ليس بمتصل وليس كذلك ، فإن الصحابي قد يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم شيئا ثم يسمعه من صحابي آخر ، فمرة يخبر به عن النبي صلى الله عليه وسلم ومرة يرويه عن الصحابي ، ألا يرى أن ابن عمر شهد سؤال جبريل عن الإيمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسمعه من عمر بن الخطاب ، فمرة أخبر بما شاهد ، ومرة روى عن أبيه ما سمع ، وعلى ذلك يحمل حديث ابن عكيم من غير أن يكون في الخبر انقطاع ، قال : والمراد بقوله : { لا تنتفعوا من الميتة بإهاب }أي قبل الدباغ انتهى كلامه .

                                                                                                        ورواه أحمد في " مسنده " والطبراني في " معجمه " والبيهقي في " سننه " وعند أحمد قبل موته بشهر أو شهرين ، قال البيهقي : وجاء في لفظ آخر : قبل موته بأربعين يوما ، وجاء عن ابن عكيم : ثنا مشيخة لنا من جهينة ، ثم أسند إلى ابن معين أنه قال في حديث ثقات الناس عن ابن عكيم : أنه قال : حدثنا أصحابنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إليهم ، يريد تعليل الحديث بذلك ، قال البيهقي : وهو محمول عندنا على ما قبل الدبغ بدليل ما هو أصح منه ، فذكر حديث شاة ميمونة انتهى .

                                                                                                        ورواه الطبراني في " معجمه الوسيط " ولفظه : قال : { كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في أرض جهينة إني كنت رخصت لكم في جلود الميتة فلا تنتفعوا من الميتة بجلد ولا عصب }وفي سنده فضالة بن مفضل بن فضالة المصري .

                                                                                                        قال أبو حاتم : لم يكن بأهل أن نكتب عنه العلم انتهى . قال الشيخ تقي الدين في " الإمام " : والذي يعلل به حديث عبد الله بن عكيم الاختلاف ، فروى ابن عيينة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، أو عن الحكم بن عتيبة عن عبد الله بن عكيم .

                                                                                                        وروى أبو داود من جهة خالد الحذاء عن الحكم بن عتيبة عن [ ص: 188 ] عبد الرحمن أنه انطلق هو وناس إلى عبد الله بن عكيم ، قال : فدخلوا وقعدت على الباب ، فخرجوا إلي فأخبروني أن عبد الله بن عكيم أخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى جهينة قبل موته بشهر ، الحديث ، قال : ففي هذه الرواية أنه سمعه من الناس الداخلين عليه ، وهم مجهولون انتهى .

                                                                                                        قال أبو داود : قال النضر بن شميل : إنما يسمى إهابا ما لم يدبغ ، فإذا دبغ سمي شنا . وقربة انتهى .

                                                                                                        وقال النووي في " الخلاصة " : وحديث ابن عكيم أعل بأمور ثلاثة : أحدها : الاضطراب في سنده ، كما تقدم . والثاني : الاضطراب في متنه ، فروي قبل موته بثلاثة أيام ، وروي بشهرين ، وروي بأربعين يوما . والثالث : الاختلاف في صحبته ، قال البيهقي . وغيره : لا صحبة له ، فهو مرسل انتهى .

                                                                                                        قال الحازمي في " كتابه الناسخ والمنسوخ " : وحكى الخلال في " كتابه " : أن أحمد توقف في حديث ابن عكيم ، لما رأى تزلزل الرواة فيه ، وقيل : إنه رجع عنه ، قال : وطريق الإنصاف أن حديث ابن عكيم ظاهر الدلالة في النسخ ولكنه كثير الاضطراب .

                                                                                                        وحديث ابن عباس سماع وحديث ابن عكيم " كتاب " والكتاب . والوجادة . والمناولة كلها مرجوحات لما فيها من شبه الانقطاع بعدم المشافهة .

                                                                                                        ولو صح فهو لا يقاوم حديث ابن عباس في الصحة ، ومن شرط الناسخ أن يكون أصح سندا ، وأقوم قاعدة من جميع جهات الترجيح ، على ما قررناه في " مقدمة الكتاب " وغير خاف على من صناعته الحديث أن حديث ابن عكيم لا يوازي حديث ابن عباس في جهة واحدة من جهات الترجيح ، فضلا عن جميعها انتهى كلامه .

                                                                                                        أحاديث الباب : روى أبو داود . والترمذي . والنسائي من حديث سعيد عن قتادة عن أبي المليح بن أسامة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { نهى عن جلود السباع } ، زاد الترمذي : [ ص: 189 ] { أن تفترش }انتهى . ورواه الحاكم وصححه .

                                                                                                        { حديث آخر } : رواه ابن وهب في " مسنده " عن زمعة بن صالح عن أبي الزبير عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { لا تنتفعوا من الميتة بشيء } ، انتهى . وزمعة فيه مقال .




                                                                                                        الخدمات العلمية