الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 487 ] ( ولا تدفع إلى بني هاشم ) لقوله عليه الصلاة والسلام { يا بني هاشم إن الله تعالى حرم عليكم غسالة الناس وأوساخهم ، وعوضكم منها بخمس الخمس }بخلاف التطوع ; لأن المال هاهنا كالماء يتدنس بإسقاط الفرض ، أما التطوع فبمنزلة التبرد بالماء . [ ص: 488 ] قال ( وهم آل علي وآل عباس وآل جعفر وآل عقيل وآل الحارث بن عبد المطلب ومواليهم ) أما هؤلاء فإنهم ينسبون إلى هاشم بن عبد مناف ، ونسبة القبيلة إليه ، وأما مواليهم فلما روي { أن مولى لرسول الله صلى الله عليه وسلم سأله : أتحل لي الصدقة ؟ فقال : لا ، أنت مولانا }بخلاف ما إذا أعتق القرشي عبدا نصرانيا حيث تؤخذ منه الجزية ويعتبر حال المعتق ; لأنه القياس والإلحاق بالمولى بالنص ، وقد خص الصدقة .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الأربعون : قال عليه السلام : { يا بني هاشم إن الله تعالى قد حرم عليكم غسالة الناس ، وأوساخهم ، وعوضكم منها بخمس الخمس } ، قلت : غريب بهذا اللفظ ، وروى مسلم في حديث طويل من رواية عبد المطلب بن ربيعة مرفوعا : { إن هذه الصدقات إنما هي أوساخ الناس ، وأنها لا تحل لمحمد ، ولا لآل محمد } ، الحديث .

                                                                                                        وأوله عن [ ص: 488 ] عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث ، قال : { اجتمع أبي ربيعة ، والعباس بن عبد المطلب ، فقالا : لو بعثنا هذين الغلامين ، قالا لي ، وللفضل بن العباس : إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرهما على هذه الصدقات ، فأديا ما يؤدي الناس ، وأصابا مما يصيب الناس ، فقال علي : أرسلوهما ، فانطلقنا حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يومئذ عند زينب بنت جحش . فقلنا : يا رسول الله قد بلغنا النكاح ، وأنت أبر الناس ، وأوصل الناس ، وجئناك لتؤمرنا على هذه الصدقات ، فنؤدي إليك كما يؤدي الناس ، ونصيب كما يصيبون ، قال : فسكت طويلا ، ثم قال : إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد ، إنما هي أوساخ الناس ، ادعوا إلي محمية بن جزء رجل من بني أسد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعمله على الأخماس ، ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب فأتياه ، فقال لمحمية : أنكح هذا الغلام ابنتك للفضل بن العباس فأنكحه وقال لنوفل بن الحارث : أنكح هذا الغلام ابنتك لي ، فأنكحني ، وقال لمحمية : أصدق عنهما من الخمس : كذا وكذا } ، مختصر ، تفرد به مسلم .

                                                                                                        ورواه الطبراني في " معجمه " حدثنا معاذ بن المثنى ثنا مسدد ثنا معتمر بن سليمان سمعت أبي يحدث عن حنش عن عكرمة عن ابن عباس ، فذكر هذه القصة مختصرة ، وفي آخره : فقال لهما عليه السلام { : إنه لا يحل لكم أهل البيت من الصدقات شيء ، إنما هي غسالة الأيدي ، وإن لكم في خمس الخمس لما يغنيكم }. انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : روى ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا وكيع ثنا شريك عن خصيف عن مجاهد ، قال : { كان آل محمد صلى الله عليه وسلم لا تحل لهم الصدقة ، فجعل لهم خمس الخمس }انتهى .

                                                                                                        ورواه الطبري في " تفسيره " حدثنا ابن وكيع به ، قال : { كان النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته لا يأكلون الصدقة ، فجعل لهم خمس الخمس }انتهى .

                                                                                                        الحديث الحادي والأربعون : روي { أن مولى لرسول الله صلى الله عليه وسلم سأله ، أتحل لي [ ص: 489 ] الصدقة ؟ فقال : لا ، أنت مولانا } ، قلت : أخرجه أبو داود ، والترمذي ، والنسائي عن شعبة عن الحكم بن عتيبة عن ابن أبي رافع عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم { أن النبي عليه السلام بعث رجلا من بني مخزوم على الصدقة ، فقال لأبي رافع : اصحبني ، فإنك تصيب منها ، قال : حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسأله ، فأتاه فسأله ، فقال : مولى القوم من أنفسهم ، وإنا لا تحل لنا الصدقة }. انتهى . قال الترمذي : حديث حسن صحيح .

                                                                                                        ورواه أحمد في " مسنده " ، والحاكم في " مستدركه " ، وقال : صحيح على شرط الشيخين انتهى . وأبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمه : أسلم ، وابن أبي رافع اسمه : عبيد الله ، وهو كاتب علي بن أبي طالب رضي الله عنه انتهى .

                                                                                                        بقية كلام الترمذي ، { ومولى القوم من أنفسهم }في " الصحيح " عن أنس رضي الله عنه ، وروى أحمد في " مسنده " حدثنا وكيع ثنا سفيان عن { عطاء بن السائب ، قال : أتيت أم كلثوم بنت علي بشيء من الصدقات ، فردته ، وقالت : حدثني مولى لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له : مهران أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة ، ومولى القوم منهم }. انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية