الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 489 ] ( قال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله: إذا دفع الزكاة إلى رجل يظنه فقيرا ثم بان أنه غني أو هاشمي أو كافر ، أو دفع في ظلمة فبان أنه أبوه أو ابنه ; فلا إعادة عليه ، وقال أبو يوسف رحمه الله : عليه الإعادة ) لظهور خطئه بيقين ، وإمكان الوقوف على هذه الأشياء ، وصار كالأواني والثياب ، ولهما حديث معن بن يزيد فإنه عليه الصلاة والسلام قال فيه { يا يزيد لك ما نويت ، ويا معن لك ما أخذت }وقد دفع إليه وكيل أبيه صدقته ; ولأن الوقوف على هذه الأشياء بالاجتهاد دون القطع ، فيبتنى الأمر فيها على ما يقع عنده ، كما إذا اشتبه عليه القبلة .

                                                                                                        وعن أبي حنيفة رحمه الله في غير الغني أنه لا يجزئه ، [ ص: 490 ] والظاهر هو الأول ، وهذا إذا تحرى فدفع وفي أكبر رأيه أنه مصرف ، أما إذا شك ولم يتحر أو تحرى فدفع وفي أكبر رأيه أنه ليس بمصرف لا يجزئه إلا إذا علم أنه فقير ، هو الصحيح .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الثاني والأربعون : { قال عليه السلام في حق يزيد ، وابنه معن : يا يزيد لك [ ص: 490 ] ما نويت ، ويا معن لك ما أخذت }حين دفع إلى معن وكيل أبيه يزيد صدقته ، قلت : أخرجه البخاري عن { معن بن يزيد ، قال : بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنا ، وأبي ، وجدي ، وخطب علي ، فأنكحني ، وخاصمت إليه ، وكان أبي يزيد قد أخرج دنانير يتصدق بها ، فوضعها عند رجل في المسجد ، فجئت ، فأخذتها ، فأتيته بها ، فقال : والله ما إياك أردت ، فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : لك ما نويت يا يزيد ، ولك ما أخذت يا معن }. انتهى .

                                                                                                        انفرد به البخاري ، ولم يخرج غيره . [ ص: 491 ] ومن أحاديث الباب : ما أخرجاه عن أبي هريرة رضي الله عنه { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال رجل : لأتصدقن بصدقة ، فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق ، فأصبحوا يتحدثون : تصدق على سارق ، فقال : اللهم لك الحمد ، لأتصدقن بصدقة ، فخرج بصدقته ، فوضعها في يد زانية ، فأصبحوا يتحدثون : تصدق الليلة على زانية ، فقال : اللهم لك الحمد ، لأتصدقن بصدقة ، فخرج بصدقته ، فوضعها في يد غني ، فأصبحوا يتحدثون : تصدق على غني ، فقال : اللهم لك الحمد ، على سارق وعلى زانية ، وعلى غني ، فأتي ، فقيل له : أما صدقتك على سارق ، فلعله أن يستعف عن سرقته ، وأما الزانية ، فلعلها أن تستعف عن زناها ، وأما الغني ، فلعله يعتبر ، فينفق مما أعطاه الله تعالى }. انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية