الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 71 - 75 ] وإنما شرط الحرية والبلوغ لقوله عليه الصلاة والسلام ، { أيما عبد حج عشر حجج ثم أعتق فعليه حجة الإسلام ، وأيما صبي حج عشر حجج ثم بلغ فعليه حجة الإسلام } ، ولأنه عبادة والعبادات بأسرها موضوعة عن الصبيان ، والعقل شرط لصحة التكليف ، وكذا صحة الجوارح ، لأن العجز دونها لازم ، والأعمى إذا وجد من يكفيه مؤنة سفره ووجد زادا وراحلة لا يجب عليه الحج عند أبي حنيفة رحمه الله خلافا لهما وقد مر في كتاب الصلاة وأما المقعد فعن أبي حنيفة رحمه الله : أنه يجب لأنه يستطيع بغيره فأشبه المستطيع بالراحلة ، [ ص: 76 ] وعن محمد رحمه الله : أنه لا يجب لأنه غير قادر على الأداء بنفسه بخلاف الأعمى ، لأنه لو هدي يؤدي بنفسه فأشبه الضال عنه .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الثاني : قال عليه السلام : { أيما عبد حج ، ولو عشر حجج ، ثم أعتق فعليه حجة الإسلام ، وأيما صبي حج عشر حجج ، ثم بلغ فعليه حجة الإسلام }قلت : روى الحاكم في " المستدرك " من حديث محمد بن المنهال ثنا يزيد بن زريع ثنا شعبة عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أيما صبي حج ، ثم بلغ الحنث ، فعليه أن يحج حجة أخرى ، وأيما أعرابي حج ، ثم هاجر ، فعليه أن يحج حجة أخرى ، وأيما عبد حج ، ثم أعتق ، فعليه حجة أخرى }انتهى .

                                                                                                        وقال : حديث [ ص: 76 ] صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه انتهى .

                                                                                                        ورواه البيهقي في " سننه " ، وقال : الصواب وقفه ، تفرد برفعه محمد بن المنهال عن يزيد بن زريع عن شعبة ورواه غيره عن شعبة موقوفا ، وكذلك رواه سفيان الثوري عن الأعمش موقوفا ، وهو الصواب ، انتهى .

                                                                                                        قال الشيخ في " الإمام " مستدركا على البيهقي قلت : رواه الحافظ أبو بكر الإسماعيلي في جمعه لحديث سليمان الأعمش عن الحارث بن شريح أبي عمر الثقال الخوارزمي عن يزيد بن زريع به مرفوعا . فزال التفرد . انتهى .

                                                                                                        قلت : حديث الحارث بن شريح رواه ابن عدي في " الكامل " ، وأعله به ، ثم قال : وهذا الحديث معروف بمحمد بن المنهال الضرير عن يزيد بن زريع ، وأظن أن الحارث سرق منه ، وهو ضعيف يسرق الحديث ، ولا أعلم . يرويه عن يزيد بن زريع غيرهما ، ورواه ابن أبي عدي ، وجماعة عن شعبة موقوفا انتهى .

                                                                                                        ورواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " بسند المرفوع ، فقال : حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس ، قال : احفظوا عني ، ولا تقولوا : قال ابن عباس : أيما عبد حج ، إلى آخره ، والموقوف الذي أشار إليه ابن عدي ، والبيهقي ، قال في " الإمام " : رواه الإسماعيلي عن ابن أبي عدي عن شعبة موقوفا على ابن عباس .

                                                                                                        { حديث آخر } مرسل : أخرجه أبو داود في " مراسيله " عن محمد بن كعب القرظي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أيما صبي حج به أهله ، فمات أجزأ عنه ، فإن أدرك ، فعليه الحج ، وأيما عبد حج به أهله ، فمات أجزأ عنه ، فإن أعتق فعليه الحج }انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } ضعيف : أخرجه ابن عدي في " الكامل " عن حرام بن عثمان عن عبد الرحمن ، ومحمد ابني جابر بن عبد الله عن أبيهما أن النبي عليه السلام ، قال : { لو حج صغير حجة لكان عليه حجة أخرى إذا بلغ ، إن استطاع إليه سبيلا ، ولو حج المملوك عشرا لكان عليه حجة إذا أعتق ، إن استطاع إليه سبيلا } ، ثم أسند عن الشافعي ، وابن معين أنهما قالا : الرواية عن حرام حرام ، ووافقهما ، وقال : عامة أحاديثه مناكير . [ ص: 77 ] حديث مخالف لما تقدم : أخرجه مسلم عن كريب عن ابن عباس ، قال : { دفعت امرأة صبيا لها ، فقالت : يا رسول الله ألهذا حج ؟ قال : نعم ، ولك أجر }انتهى . وهو مذهب أحمد ، هكذا نقله عنه ابن الجوزي في " التحقيق " ، وأخرج البخاري عن { السائب بن يزيد ، قال : حج بي أبي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن سبع سنين }انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية