الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 103 ] قال : ( ولا يغطي وجهه ولا رأسه ) وقال الشافعي : يجوز للرجل تغطية الوجه لقوله عليه السلام { إحرام الرجل في رأسه وإحرام المرأة في وجهها }. [ ص: 104 ] ولنا قوله عليه الصلاة والسلام { لا تخمروا وجهه ولا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة عليها }.

                                                                                                        قاله في محرم توفي ولأن المرأة لا تغطي وجهها مع أن الكشف فتنة فالرجل بالطريق الأولى وفائدة ما روي الفرق في تغطية الرأس .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الثامن : قال عليه السلام : { إحرام الرجل في رأسه ، وإحرام المرأة في وجهها } ، قلت : أخرجه البيهقي في " سننه " ، وينظر ، وأخرجه الدارقطني في " سننه " عن هشام بن حسان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر ، قال : { إحرام الرجل في رأسه ، وإحرام المرأة في وجهها } ، انتهى .

                                                                                                        والمصنف احتج به هنا للشافعي ، أن المحرم له أن يغطي وجهه ، وأعاده قبيل القران ، أن المرأة تغطي رأسها .

                                                                                                        أحاديث الباب : أخرج الدارقطني عن علي بن عاصم عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس { عن النبي عليه السلام في المحرم يموت ، قال : خمروهم ، ولا تشبهوا باليهود }انتهى .

                                                                                                        قال ابن القطان في " كتابه " : وعلته علي بن عاصم ، كان كثير الغلط ، وهو عندهم ضعيف ، قال : لكنه جاء بأعم من هذا اللفظ ، وأصح من هذه الطريق ، أخرجه الدارقطني عن عبد الرحمن بن صالح الأزدي ثنا حفص بن غياث عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { خمروا وجوه موتاكم ، ولا تشبهوا باليهود } ، انتهى . وعبد الرحمن الأزدي صدوق ، قاله أبو حاتم ، وبقية الإسناد لا يسأل عنه انتهى كلامه . واستدل صاحب " التنقيح " لأحمد ، والشافعي بما رواه الشافعي من حديث إبراهيم بن حرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الذي وقص : خمروا وجهه ، ولا تخمروا رأسه } ، قال : وإبراهيم هذا وثقه أحمد ، ويحيى ، وأبو حاتم . وأخرج الدارقطني في " العلل " عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن أبان بن عثمان عن عثمان بن عفان { أن النبي عليه السلام كان يخمر وجهه وهو محرم }انتهى .

                                                                                                        قال : والصواب موقوف ، وروى مالك في " الموطأ " عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد ، قال : أخبرني الفرافصة بن عمير الحنفي أنه رأى عثمان بن عفان بالعرج يغطي [ ص: 104 ] وجهه ، وهو محرم ، ورواه الدارقطني ، ثم البيهقي من حديث عبد الله بن عامر بن ربيعة أنه رأى عثمان رضي الله عنه بالعرج مخمرا وجهه بقطيفة أرجوان في ثوب صائف ، وهو محرم انتهى .

                                                                                                        الحديث التاسع : { قال عليه السلام في محرم توفي : لا تخمروا رأسه ولا وجهه ، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا } ، قلت : أخرجه مسلم ، والنسائي ، وابن ماجه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس { أن رجلا أوقصته راحلته وهو محرم ، فمات ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اغسلوه بماء وسدر ، وكفنوه في ثوبين ، ولا تمسوه طيبا ، ولا تخمروا رأسه ، ولا وجهه ، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا }انتهى . ورواه الباقون لم يذكروا فيه : الوجه ، قال الحاكم أبو عبد الله النيسابوري في كتاب " علوم الحديث " : وذكر الوجه في هذا الحديث تصحيف من الرواة ، لإجماع الثقات الأثبات من أصحاب عمرو بن دينار على روايته : ولا تغطوا رأسه ، وهو المحفوظ انتهى . والمرجع في ذلك إلى مسلم لا إلى الحاكم ، فإن الحاكم كثير الأوهام ، وأيضا فالتصحيف إنما يكون في الحروف المتشابهة ، وأي مشابهة بين الوجه والرأس في الحروف ؟ هذا على تقدير أن لا يذكر في الحديث غير الوجه ، فكيف وقد جمع بينهما أعني الرأس والوجه والروايتان عند مسلم ، ففي لفظ : اقتصر على الوجه ، فقال : ولا تخمروا وجهه ، وفي لفظ : جمع بين الوجه والرأس ، فقال : ولا تخمروا رأسه ولا وجهه ، وفي لفظ : اقتصر على الرأس ، وفي لفظ : قال : فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغسلوه بماء وسدر ، وأن يكشفوا وجهه ، حسبته قال : ورأسه ، فإنه يبعث ، وهو يهل انتهى . ومثل هذا بعيد من التصحيف .




                                                                                                        الخدمات العلمية