الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 172 ] قال : ( ثم يأتي مكة من يومه ذلك أو من الغد أو من بعد الغد ، فيطوف بالبيت طواف الزيارة سبعة أشواط ) لما روي { أن النبي عليه الصلاة والسلام لما حلق أفاض إلى مكة فطاف بالبيت ثم عاد إلى منى وصلى الظهر بمنى }( ووقته [ ص: 173 ] أيام النحر ) لأن الله تعالى عطف الطواف على الذبح قال : { فكلوا منها }ثم قال : { وليطوفوا بالبيت العتيق }فكان وقتهما واحدا . [ ص: 174 ] ( وأول وقته بعد طلوع الفجر من يوم النحر ) لأن ما قبله من الليل وقت الوقوف بعرفة والطواف مرتب عليه ، وأفضل هذه الأيام أولها كما في التضحية ، وفي الحديث : { أفضلها أولها }( فإن كان قد سعى بين الصفا والمروة عقيب طواف القدوم لم يرمل في هذا الطواف ولا سعي عليه ، وإن كان لم يقدم السعي رمل في هذا الطواف وسعى بعده ) لأن السعي لم يشرع إلا مرة ، والرمل ما شرع إلا مرة في طواف بعده سعي ( ويصلي ركعتين بعد هذا الطواف ) لأن ختم كل طواف بركعتين فرضا كان الطواف أو نفلا لما بيناه . قال : ( وقد حل له النساء ) ولكن بالحلق السابق ، إذ هو المحلل لا بالطواف إلا أنه أخر عمله في حق النساء . قال : ( وهذا الطواف هو المفروض في الحج ) وهو ركن فيه ، إذ هو المأمور به في قوله تعالى: { وليطوفوا بالبيت العتيق }ويسمى طواف الإفاضة وطواف يوم النحر ( ويكره تأخيره عن هذه الأيام ) لما بينا أنه مؤقت بها ( وإن أخره عنها لزمه دم عند أبي حنيفة رحمه الله ) وسنبينه في باب الجنايات إن شاء الله تعالى .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث السادس والستون : روي { أنه عليه السلام لما حلق أفاض إلى مكة ، فطاف بالبيت ثم عاد إلى منى وصلى الظهر } ، قلت : أخرجه مسلم عن عبيد الله بن عمر { أنه عليه السلام [ ص: 173 ] أفاض يوم النحر ، ثم رجع فصلى الظهر بمنى } ، قال نافع : وكان ابن عمر يفيض يوم النحر ، ثم يرجع فيصلي الظهر بمنى ، ويذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله انتهى ، ووهم الحاكم . فرواه في " المستدرك " وقال : صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ، ووقع في حديث جابر الطويل أنه صلى الظهر يوم النحر بمكة ، ولفظه : قال : { ثم انصرف إلى المنحر فنحر ، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت ، فصلى بمكة الظهر } ، الحديث ، وقال ابن حزم : وأحد الخبرين وهم ، إلا أن الأغلب أنه صلى الظهر بمكة لوجوه ذكرها ، وقال غيره : يحتمل أنه أعادها لبيان الجواز ، وقال أبو الفتح اليعمري في " سيرته " : وقع في رواية ابن عمر أن { النبي عليه السلام رجع من يومه ذلك إلى منى ، فصلى الظهر }: وقالت عائشة ، وجابر : بل صلى الظهر ذلك اليوم بمكة ، ولا شك أن أحد الخبرين وهم ، ولا يدرى أيهما هو ، لصحة الطرق في ذلك انتهى .

                                                                                                        وذكر البيهقي في " المعرفة " حديث ابن عمر ، وعزاه لمسلم ، ثم قال : وروى محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة ، قالت : { أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة من آخر يومه ، حتى صلى الظهر ، ثم رجع إلى منى }.

                                                                                                        قال : وحديث ابن عمر أصح إسنادا من هذا انتهى .

                                                                                                        وحديث ابن إسحاق هذا رواه أبو داود في " سننه " .

                                                                                                        وقال المنذري في " مختصره " : هو حديث حسن ، ورواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع الخامس والعشرين . من القسم الخامس والحاكم في " المستدرك " ، وقال : صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه ، انتهى .

                                                                                                        واستدل الشيخ في " الإمام " على فرضية طواف الزيارة بما أخرجه البخاري . ومسلم عن عائشة ، قالت : { حاضت صفية بنت حيي بعد ما أفاضت ، فقال عليه السلام : أحابستنا هي ؟ قالوا : يا رسول الله إنها قد أفاضت ، وطافت بالبيت ، ثم حاضت بعد الإفاضة ، فقال عليه السلام : فلتنفر إذن }انتهى . والمصنف استدل بهذا الحديث على طواف الزيارة ، وأنه بعد الحلق ، وليس في هذه الأحاديث له ذكر إلا بالمفهوم ، ولا وجدته في شيء من الكتب الستة .

                                                                                                        [ ص: 174 ] الحديث السابع والستون : قال المصنف رحمه الله : وأول وقته يعني طواف الزيارة بعد طلوع الفجر من النحر ، وأفضل هذه الأيام أولها ، كما في التضحية ، وفي الحديث : { أفضلها أولها } ، قلت : غريب جدا ، وأعاده في " الأضحية " .




                                                                                                        الخدمات العلمية